كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

والفصول التي ظفروا بها خارجًا عن الحقائق النوعية الراجعة إلى حقائق الجواهر فقط، أو الأعراض فقط. والماهيات التي تفهم من اللفظ لا يجب أن تكون كذلك؛ لصحة وضع اللفظ المفهوم مركبًا من حقيقتين، كالجوهر والعرض، مثل "الأسود" فإنه موضوعٌ لمفهومٍ مركبٍ من الذات وصفة السواد، لأن الأسود ذات متصفة، فحيث صح تركيب الماهية المفهومة من اللفظ من حقيقتين جاز أن تكون إحدى الحقيقتين من قبيل المشكك؛ لأن المشكك لا يكون إلا في الحقائق المستقلة، وامتناعه إنما هو في الجزء الذي لا يستقل في الحقيقة، كجزء الناطقية والحيوانية في الإنسان، بخلاف الجزء المستقل بكونه حقيقة متقررة بنفسها خارجًا، فيصح فيه التشكيك بأن يكون أقوى في بعض أفراده من بعض، إذ لا يمتنع تفاوت الحقيقة التامة في أفرادها بالقوة والضعف، وإنما يمتنع تفاوت جزئها الذي لا يستقل، كالحيوان بالنسبة للإنسان، أو الناطق بالنسبة إليه.
ومثال الجامع غير الداخل في مفهوم الطرفين استعارة الأسد للرجل الشجاع، والشمس للوجه المتهلل، ونحو ذلك؛ لظهور أن الشجاعة عارضة للأسد لا داخلة في مفهومه، كما أنها عارضة للرجل الشجاع؛ لأن المشبه ذات الرجل المقيد بالشجاعة، والمشبه به الحيوان المفترس المقيد بها أيضًا، والقيد خارج عن المقيد. وكذا التهلل للشمس والوجه، فالجامع خارج عن الطرفين.
وبيان التقسيم الثاني باعتبار الجامع هو أن نقول: الجامع في الاستعارة لابد أن يكون ظاهرًا لكل أحد، أو خافيًا لا يدركه إلا

الصفحة 249