كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

الصبح إذنًا منه.
وسيأتي كثير من أمثلتها، أي الاستعارة الخاصية التي هي الغريبة.
فإذا حققت ما ذكرنا من التقسيمات، فاعلم أن الاستعارة تنقسم باعتبار الثلاثة -أعني الجامع والطرفين- إلى ستة أقسام، وبرهان الحصر: أن المستعار منه والمستعار له إما حسيان، أو عقليان، أو المستعار منه حسي والمستعار له عقلي، أو بالعكس، فتصير أربعة، والجامع في الثلاثة الأخيرة عقلي لا غير؛ لأن أحد الطرفين إن كان عقليًّا لابد أن يكون الجامع عقليًّا، وأحرى إن كان الطرفان معًا عقليين، لكنه في القسم الأول من الأقسام الأربعة: إما حسي، أو عقلي، أو مختلف، فتصير ستة، وهي: استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي، أو بوجه عقلي، أو بوجه بعضه حسي وبعضه عقلي، فهذه ثلاثة في استعارة المحسوس للمحسوس، والرابع: استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي، والخامس: استعارة محسوسٍ لمعقولٍ بوجهٍ عقلي، والسادس: استعارة معقولٍ لمحسوسٍ بوجهٍ عقليٍّ.
أما استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي، فكقوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه/ ٨٨] فإن المستعار منه ولد البقرة، والمستعارة له الحيوان الذي خلقه اللَّه تعالى من حلي القبط التي سبكتها نار السامري عند إلقائه في تلك الحلي التربةَ التي أخذها من موطئ فرس جبريل عليه الصلاة والسلام. والجامع الشكل؛ لأن ذلك الحيوان كان على شكل ولد البقرة، والجميع -مِن المستعار منه والمستعار له والجامع- حِسِّيٌّ أي مُدْرَكٌ بالبصر.

الصفحة 253