كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

إذا فسد، والغلالة شعار أي ثوب ضيق الكمين كالقميص، يباشر البدن يلبس تحت الثوب الواسع، وتحت الدرع أيضًا، وزررت القميص عليه أزره بمعنى شددت أزراره عليه.
ومثل بيت الشريف المذكور قول الآخر:
ترى الثياب من الكتان يلمحها ... نورٌ من البدر أحيانًا فيبليها
فكيف تنكر أن تبلى مَعاجِرُها ... والبدر في كل وقت طالع فيها
ووجه رد الدليل على أن الاستعارة مجاز عقلي: أن ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به لا يقتضي كون الاستعارة غير مستعملة فيما وضعت له؛ للعلم الضروري بأن "أسدًا" في قولنا: "رأيت أسدًا يرمي" مستعملٌ في الرجل الشجاع، والموضوع له هو السبع المخصوص.
وتحقيق ذلك: أن ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به مبني على أنه جعل أفراد الأسد بطريق التأويل قسمين:
أحدهما: المتعارف، وهو الذي له غاية الجراءة وكمال القوة في مثل تلك الجثة ذات الأنياب والأظفار.
والثاني: غير المتعارف، وهو الذي له تلك الجراءة لا في تلك الجثة المخصوصة والهيكل المخصوص.
ولفظ الأسد إنما هو موضوع للمتعارف، فاستعماله في غير المتعارف استعمالٌ في غير ما وضع له، والقرينة مانعةٌ عن إرادة المعنى المتعارف ليتعين المعنى غير المتعارف، وارتكب المتنبي هذا الادعاء

الصفحة 263