كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

واعلم أنه يشترط لحسن الاستعارة خمسة شروط:
الأول: مراعاة جهات الحسن في التشبيه، كأن يكون وجه الشبه شاملًا للطرفين، والتشبيه وافيًا بإفادة ما علق به الغرض، ونحو ذلك مما هو مذكور في التشبيه.
والثاني: بُعدها عن الحقيقة كما يقع لها بالترشيح.
الثالث: كونها غير مبتذلة.
الرابع: أن لا يكون وجه الشبه مي غاية الخفاء حتى تكون كالألغاز، كما في قولك: "رأيت أسدًا" لإنسان أبخر.
الخامس: أن لا يشم فيها رائحة التشبيه لفظًا؛ لأن ذلك يبطل الغرض من الاستعارة. أعني ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به؛ لما في التشبيه من الدلالة على أن المشبه به أقوى في وجه الشبه.
واعلم أن ما ذكرنا في تقسيم المجاز وانحصاره في: عقلي، ومفرد، ومركب، هو تقسيمه المعروف عند البيانيين، فلا يَرِدُ عليه مجاز الحذف والزيادة؛ لأن لفظ "المجاز" قد يطلق بالاشتراك أو التشابه على كلمة تغير إعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ، فمثال الحذف قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف/ ٨٢] أي: أهلها، فأصل إعراب القرية الخفض بإضافة الأهل إليها، فحُذِفَ المضاف فصار المضاف إليه خلفا منه، فنصب بالمفعولية على القاعدة التي ذكرها ابن مالك بقوله:

الصفحة 265