كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

هو معناه، واشتقاقه من طرق النعل، وخوافي ريش الطائر، فالطرق في النعل جعل طاقة منه فوق أخرى وإلصاقها عليها، والطرق في خوافي الطائر وقوادمه كون بعض ريشاته فوق بعض، وهو بهذا المعنى كثير في كلام العرب، ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
أهوى لها أسفع الخدين مطرق ... ريش القوادم لم تنصب له الشبك
ومنه قول غيلان بن عقبة المعروف بذي الرمة:
طراق الخوافي واقع فوق ربعه ... ندى ليله في ريشه يترقرق
ومنه قول الآخر:
سكاء مخطومة في ريشها طرق ... سود قوادمها كدر خوافيها
ومن هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون/ ١٧] على إحدى التفسيرات كما ذهب إليه جمع من المحققين، لأن السموات طاقات بعضها فوق بعض، ويدل هذا التفسير قوله تعالى: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [الملك/ ٣].
وحاصل معنى التشبيه في قوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "كأن وجوههم المجان المطرقة" أنه شبه وجوههم بالتروس لبسطها وتدويرها بالمطرقة ولغلظها وكثرة لحمها.
ثم لم تزل المذاكرة دائرة بيننا وبين علماء المعهد الديني في "أم درمان" حتى جاء ذكر الضيافة والإحسان إلى الضيف، وقوله صلى اللَّه عليه وعلى آله سلم: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه"،

الصفحة 276