كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

الماهرين في النحو، فادعى أن في القصيدة اعتراضًا نحويًا، وهو أنها جاءت فيها "إذا" الفجائية قبل جملة فعلية مع أنها تختص بالجملة الاسمية. فقلت له: إن ذلك الاعتراض قصور من المعترض به؛ لأن "إذا" الفجائية فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: اختصاصها بالجملة الاسمية كما زعم المعترض.
والثاني: دخولها على الجملة الاسمية والجملة الفعلية مطلقًا، صدرت بقد، أو جردت منها.
والثالث: دخولها على الجملة الاسمية والجملة الفعلية بشرط كون الفعلية مصدرة بقد.
وقد أشار إلى هذه الأوجه الثلاثة صاحب المغني في الكلام على "قد" وبيَّنها محشيه الدسوقي في الكلام على "إذا".
وقلت له: مثل هذا لا يعترض به إلا قاصر.
وقد جاء في القصيدة نحو هذا مما يتمشى على بعض اللغات دون بعض، كتذكير ضمير السوق في قوله: "غلا سعرها في السوق يوم كساده"، واللغة الفصحى في السوق التأنيث، وإن كان التذكير مسموعًا فيها. وكقوله: "بصير بما كنى الفتى بفؤاده" لأن اللغة الفصحى "أكن" بصيغة الرباعي، وإن كان الثلاثي مسموعًا فيه، فمثل هذا لا يعترض به على شاعرٍ ولا غيره إلا قاصرٌ.
ومما قلت من الغزل أيام الصبا هذه الأبيات:

الصفحة 284