كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

بإسناده عن سعيد بن المسيب: "أن رجلًا من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أتى عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه فشهد عنده أنه سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج" رواه أبو داود في "سننه".
وقد اختلفوا في سماع سعيد بن المسيب من عمر، لكنه لم يرو هنا عن عمر، بل عن صحابي غير مسمى، والصحابة كلهم عدول.
وعن معاوية رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم "نهى أن يقرن بين الحج والعمرة" رواه البيهقي بإسناد حسن.
وقال القاضي عياض في "شرح صحيح مسلم": جمهور الفقهاء على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصًّا للصحابة. قال: وقال بعض أهل الظاهر: هو جائز الآن.
وقال النووي في "شرح المهذب": فرع: إذا أحرم بالحج لا يجوز له فسخه وقلبه عمرة، وإذا أحرم بالعمرة لا يجوز له فسخها حجًا، لا لعذر ولا لغيره، سواء ساق الهدي أم لا. هذا مذهبنا. قال ابن الصباغ والعبدري وآخرون: وبه قال عامة الفقهاء. وقال أحمد: يجوز فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي. انتهى كلام النووي.
والغرض منه قوله: "وبه قال عامة الفقهاء" غير أحمد، وقد بيَّنا طرفًا من أدلة الشافعية والمالكية على أفضلية الإفراد.
وأما الأحاديث الصحيحة الدالة على أنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان قارنًا، فلا يرد الإشكال بها على ما ذكرنا، لظهور الجمع

الصفحة 298