كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

ما عض نابي قومًا أو أقول لهم ... إياكم ثم إياكم وإيانا
قل للأخيطل لم تبلغ موازنتي ... فاجعل لأمك أير القَسِّ ميزانا
إني امرؤ لم أرد فيمن أنَاوِئه ... في الناس ظلمًا ولا للحرب إدهانا
أحمي حماي بأعلى المجد منزلتي ... من خِنْدِف والذرى من قيس عيلانا
قال الخليفة والخنزير منهزم ... ما كنت أول عبد مُحلبِ خانا
لاقى الأخيطل بالجولان فاقرة ... مثل اجتداع القوافي وَبْرَ هزّانا
يا خُزْر تغلب ماذا بال نسوتكم ... لا يستفقن إلا الديرين تَحنانا
لما روين على الخنزير من سَكرِ ... نادين يا أعظم القَسّيْنِ جُرْدانا
هل تتركن إلى القسين هجرتكم ... ومسحهم صلبهم رحمن قربانا
لن تدركوا المجد أو تشروا عباءتكم ... بالخز أو تجعلوا التَّنُوم ضمرانا
ومعنى البيت الذي سأل عنه الأمير المذكور الذي هو قوله:
هل تتركن إلى القسين هجرتكم ... ومسحهم صلبهم رحمن قربانا
أن جريرًا يذم الأخطل وقومه بني تغلب بأنهم على دين النصرانية، وأنهم يهاجرون إلى النصارى، ويتمسحون بصلبهم التي يعبدونها، ويدعون أنها ترحمهم وتقربهم إلى اللَّه. فقوله: "ومسحهم صلبهم" مصدر مضاف إلى فاعله، كَمُلَ عمله بمفعوله المنصوب، على حد قول ابن مالك في "ألفيته":

الصفحة 311