كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

وقوله: "رحمان قربانا" يحتمل فيما يظهر وجهين من الإعراب:
أحدهما: أن "رحمان" بدل من قوله: "صلبهم"؛ لأن "الرحمان" المذكر هو عين الصليب المتقرب به إلى اللَّه عندهم، فهو تابع له مقصود بالنسبة بلا وساطة، كما هي عادة البدل، "وقربانا" بدل من "رحمان" بناء على جواز أن يكون من البدل بدل، كما قال به بعض المحققين، وأجروا عليه قوله تعالى: {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام/ ١٤٣] فإنه بدل من قوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} مع أن قوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} بدل من قوله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا}.
أو كل من "رحمان" و"قربانا" بدل من قوله: "صلبهم"؛ لأن المراد بالرحمان والقربان عنده هو عين الصليب لا شيء آخر.
ونظير هدا الإعراب قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} لأن أحسن أوجه الإعراب فيه أن قوله: {قُرْبَانًا} هو المفعول الثاني لـ {اتَّخَذُوا} ومفعوله الأول الضمير المحذوف الذي هو الرابط بين الصلة والموصول الذي أشار ابن مالك للزومه بقوله:
وكلها تلزم بعده صلة ... على ضمير لائق مشتملة
وأشار إلى المراد حذفه في مثل الآية الكريمة بقوله:
. . . . . . . . . . ... والحذف عندهم كثير منجلي
في عائدٍ متصل إن انتصب ... بفعل أو وصف كمن نرجو يهب
والتقدير: فلولا نصرهم الذين اتخذوهم قربانًا، وقوله: "آلهة"

الصفحة 313