كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

من كوةٍ تمثل قول الشاعر:
*والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا *
فتمثلنا قول الشاعر:
يراعي الشمس أنى قابلتنا ... فيَحْجُبها ويأذن للنسيم
وكان في مجلسنا بعض الأذكياء من طلبة العلم من أهل بلادنا، ومن جملة الحاضرين الشريفان صاحبا العلم والفضائل: محمد والمصطفى ابنا سيدي محمد بن سيدي جعفر.
ومن جملة ما دار في المذاكرة أن بعض الناس انتقد على إمامنا مالك رحمه اللَّه قوله: "إن السرقة إذا شهد عليها رجلٌ وامرأتان ثبت الغرم، وانتفى القطع"، لأن السرقة علة لكل من الغرم والقطع، فإذا ثبتت ثبتا معًا، وإذا لم تثبت لم يثبت واحدٌ منهما، فأي وجه لقول مالك بثبوت أحدهما دون الآخر؟ وأي وجه للفرق بين مسألة السرقة هذه، وبين شهادة الرجل والمرأتين على أداء نجوم الكتابة، أو على بيع الأمة من زوجها، أو بيع الرقيق ممن يعتق عليه؟ فإن الرجل والمرأتين إذا شهدوا على أداء المكاتب نجوم الكتابة صحت شهادتهم؛ لأنها بمال، وإن ترتب عليها عتق المكاتب بأداء آخر نجم منها. وكذلك شهادة الرجل والمرأتين على بيع الأمة من زوجها فهي صحيحة؛ لأنها بمال، ولو ترتب عليها فسخ النكاح. وكذلك شهادتهم على بيع العبد ممن يعتق عليه فهي صحيحة، ولو ترتب عليها العتق. والسرقة قالوا فيها بثبوت الغرم دون القطع. وفي كلا الموضعين شهادة بما يتعلق بالأموال والأبدان، فأي وجه للفرق بين ما ذكر؟
فقال لي السيد العلوي المذكور: ما تقول في دفع هذا الاعتراض؟

الصفحة 316