كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

التلازم فلا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر.
وهنا نكتتان:
إحداهما: أن الشهادة إذا أبطل بعضها للتهمة بطل جميعها، بخلاف ما إذا بطل بعضها للسنة. ومسألتنا من هذا القبيل.
الثانية: قال غير واحد: إن المراد بالضمان هنا ضمان الغصب والتعدي، لا ضمان السرقة، وهو مذهب ابن القاسم. انتهى منه بلفظه.
وحاصله الجواب عن اعتراضين:
أحدهما: أن السرقة علة لضمان المال، وقطع يد آخذه، فإذا ثبتت ثبتتا معًا، وإذا لم تثبت لم يثبت واحد منهما؟
والجواب عن هذا: أن الضمان الذي ثبت به الغرم هنا ضمان الغصب والتعدي، لا ضمان السرقة. وغصب المالك والتعدي عليه يثبت بشهادة رجلٍ وامرأتين. فاندفع هذا الاعتراض.
والاعتراض الثاني: أن شهادة الرجل والمرأتين على السرقة تعلقت بأمرين: أحدهما: مالي، يثبت بالشاهد والمرأتين وهو الغرم. والثاني: غير مالي ولا يثبت إلا بعدلين وهو القطع.
فأثبتوا المال دون غيره بشهادة الرجل والمرأتين، ولم يقولوا بمثل هذا في شهادة الرجل والمرأتين على أداء نجوم الكتابة، أو بيع العبد ممن يعتق عليه، فإنها تعلقت في هاتين المسألتين بأمرين: أحدهما:

الصفحة 318