كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

صلاة العشاء إلى آخر الليل. فنزلنا عند أخينا الأستاذ الشيخ محمد عبد اللَّه بن آدُ، فتلقانا بالبشر والترحيب والسرور، ولم ندرك ذلك اليوم صلاة الصبح مع الجماعة، لأنا لم نستيقظ من شدة تعب السفر حتى ضاق الوقت، فصلينا الرغيبة وفرض الصبح في محلنا لضيق الوقت، ثم لما ارتفعت الشمس وحل النفل ذهبنا إلى الحرم النبوي فدخلنا مسجد النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم من باب "الرحمة"، وقلنا عند دخوله: أعوذ باللَّه العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لنا أبواب رحمتك؛ وصلينا في الروضة ركعتين، ثم ذهبنا إلى المواجهة للسلام على النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم وصاحبيه رضي اللَّه عنهما، وسألنا اللَّه له الوسيلة، وأن يجازيه عنا خير ما جازى به نبيًا عن أمته. وصلينا عليه وسلمنا أيضًا على صاحبيه، وعند سلامنا عليه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم خطر في قلوبنا حديث أبي هريرة الذي أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "ما من أحد يسلم علي إلا رد اللَّه روحي حتى أرد عليه السلام" فقلنا في أنفسنا: هذه مزية عظيمة ينالها من سلم عليه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، وهي أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم يرد عليه السلام، ومعلومٌ أنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم لا يرد إلا بمثل التحية أو بأحسن منها، لأن اللَّه أنزل عليه: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء/ ٨٦].
وكان سلامنا عليه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم "السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته" كما روي عن إمامنا مالك رحمه اللَّه أنه كان سلامه.

الصفحة 322