كتاب رياضة النفس

وعبد لم
يرزقه الله عز وجل مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا عملت بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء.
حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا زريق بن الورد الرقي، حدثنا أسلم بن سالم، عن عبد الغفار بن ميمون، عن عبد الملك الجزري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك الصلاة في الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلماً أو يزاحم أحداً، فصلى في الصف الثاني أو الثالث، أضعف الله عز وجل أجره على من صلى في الصف الأول). فهذا بعقله نال زيادة الثواب على الصف الأول، والآخر بغفلته وجهله سقط عن هذا الثوب. فهذا تفسير: (إنما أجزى الناس على قدر عقولهم). ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يروى عنه. (لا يعجبنكم إسلام رجل حتى تعلموا ما عقدة عقله).
وحدثني بذلك أبي رحمه الله، حدثنا جندل بن واثق الكوفي، حدثنا عبد الله بن عمر الرقي، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالصادقون المخلطون قلوبهم محجوبة بالشهوات، فنيتهم النهوض بالقلب، إذا نهضوا لم يجدوا منفذا، فيقفون حيث بلغوا من الجو. وأما الذين فتح لهم في الغيب، فإن قلوبهم تنهض إلى العلا، حتى تبلغ مقامه، فهناك يبتغي مرضاة ربه تعالى، وحركات الجوارح عند فراغه من العمل تلحقه على أثره، فذلك النهوض هو نيته؛ والسابقون الذين وصلوا إلى الله عز وجل في مقامه، يترضى ربه عز وجل، ثم يلحقه العمل على الأثر، فالنيات متفانية، فهؤلاء خدم.

الصفحة 69