كتاب الرحلة الشامية
شديدة، فضلاً عن أنّهم ممتلئون مروءةً ووفاءً. فأمثال هؤلاء ما لهم ولأولئك الّذين أساؤوا إلى أنفسهم حتّى ينضافوا إليهم وينسحب حكم الشقاء عليهم. العدل أن يحافظ على كرامات ذوي البيوت الكبيرة ما داموا محتفظين بشرفهم واحترامهم. أوجّه خطابي هذا إلى السوريّين، وأذكّر أنّي رأيت أنّ مصر كانت منذ ثلاثين سنة تقريباً حافلة آهلة بالذوات والكبراء الّذين كانوا يغارون على البلاد ويحبّونها حبّهم لأنفسهم، حتّى قضت الدخلاء وبعض من كان من ذوي النفوذ أن يحطّوا من كرامتهم ويعملوا لكسر نفوذهم وشوكتهم، فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، وأصبحت البلد محرومة من إخلاصهم وفضلهم. فعلى كلّ غيور على مصلحة قومه أن يوضح الطريق لهؤلاء الّذين يريدون أن يقفوا لمقاومة الطبيعة، وعبثاً يحاولون.
إلى هنا وأعود مكرّراً ثنائي الجميل وشكري الجزيل لحضرات السوريّين الأفاضل
الّذين أكرموا ضيافتي، وأحسنوا وفادتي، وأظهروا لي من إخلاصهم ووفائهم ما عرفت منه حقيقة أنّ في الشام رجالاً يرجع إليهم ويعوّل عليهم، فجزاهم الله على صنيعهم بنا خير ما يجزي العاملين المخلصين. وبعد، فإنّي أحمد الله جلّ شأنه على ما ألهمني إيّاه من هذه الجولة الجميلة الّتي استفدت في أثنائها زيارة بلاد طالما تاقت لها نفسي، وأشكره سبحانه على سلامتنا من المبدأ إلى النهاية، ومن الباعث حتّى الغاية، وأصلّي وأسلّم على رسوله وصفوته من خلقه سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله ما تحدّث الناس أو جرى قلم على قرطاس.
الصفحة 174
175