كتاب رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب

وَاسْتدلَّ: لَو لم تصح، لما سقط التَّكْلِيف. قَالَ القَاضِي: وَقد سقط بِالْإِجْمَاع؛ لأَنهم لم يأمروهم بِقَضَاء الصَّلَوَات، ورد بِمَنْع الْإِجْمَاع مَعَ مُخَالفَة أَحْمد، وَهُوَ أقعد بِمَعْرِِفَة الْإِجْمَاع.
قَالَ القَاضِي والمتكلمون: لَو صحت، لاتحد المتعلقان؛ لِأَن الْكَوْن وَاحِد، وَهُوَ غصب. وَأجِيب بِاعْتِبَار الْجِهَتَيْنِ كَمَا سبق.
هَامِش
الشَّرْح: " وَاسْتدلَّ لَو لم يَصح لما سقط التَّكْلِيف " بهَا.
" قَالَ القَاضِي: وَقد سقط بِالْإِجْمَاع؛ لأَنهم " أَي: الماضين " لم يأمروهم "، أَي: الْمُصَلِّين فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة " بِقَضَاء الصَّلَوَات ".
وَالْقَاضِي هُوَ المحتج بِهَذَا الدَّلِيل، وَلَكِن على السُّقُوط لَا على الصِّحَّة، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن الْمَسْأَلَة من القطعيات، لحُصُول الْإِجْمَاع، وَذَلِكَ أَن تقلبهم فِي الْبِلَاد، وتحركهم فِي الْأَسْفَار لَا يسلم مَعَه فِي مُسْتَقر الْعَادَات من الصَّلَاة فِي مَكَان مَغْصُوب، وَلَو كَانَت تُعَاد لنقل عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، وَلَو نقل عَنْهُم لما خَفِي.
وَقد زَاد النَّوَوِيّ فِي " بَاب الْآنِية " من " شرح الْمُهَذّب " فَذكر: أَن أَصْحَابنَا يدعونَ الْإِجْمَاع على الصِّحَّة قبل مُخَالفَة أَحْمد.
وَهَذَا لَو تمّ دفع مَذْهَب القَاضِي؛ إِذْ هُوَ مُوَافق على عدم الصِّحَّة.
" ورد " هَذَا الْوَجْه " بِمَنْع الْإِجْمَاع "؛ إِذْ كَيفَ يَصح ادعاؤه " مَعَ مُخَالفَة أَحْمد وَهُوَ أقعد بِمَعْرِِفَة الْإِجْمَاع "، فَلَو سبقه إِجْمَاع لَكَانَ أَجْدَر من القَاضِي بمعرفته ثمَّ لم يخرقه.
وَمِمَّنْ منع الْإِجْمَاع إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَغَيرهمَا من الْأَئِمَّة وَهُوَ الْحق.
وَمَا ذكره القَاضِي من عدم انفكاك عصر الْمَاضِي عَن الصَّلَاة فِي مَكَان مَغْصُوب مَرْدُود عندنَا؛ فَإِن الظَّاهِر من حَال الصَّحَابَة أَن هَذَا لم يتَّفق فِي عصرهم، وَلَو فرض وُقُوعه من وَاحِد من الأتباع لأمكن أَن يخفى عَنْهُم، وعَلى تَقْدِير اطلاعهم فغايته إِجْمَاع سكوتي، وَالْقَاضِي لَا يرَاهُ حجَّة.
الشَّرْح: " قَالَ القَاضِي ": " لَو صحت لاتحد المتعلقان " مُتَعَلقا الْأَمر وَالنَّهْي؛ " لِأَن الْكَوْن "

الصفحة 548