كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (اسم الجزء: 1)

وَوَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ (خرجا) يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل، فقال لزيد بن عمرو: من أين أقبلت يا صَاحِبَ الْبَعِيرِ؟ قَالَ: مِنْ بِنْيَةِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَمَا تَلْتَمِسُ؟ قَالَ: أَلْتَمِسُ الدِّينَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّهُ يُوشِكَ أَنْ يَظْهَرَ الَّذِي تَطْلُبُ فِي أَرْضِكَ، فَأَمَّا وَرَقَةُ فَتَنَصَّرَ، وَأَمَّا أَنَا فَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّصْرَانِيَّةُ فلم توافقني، فرجع وهو يقول:
لبيك حقًّاحقًّا تعبدًا ورقًّا
البر أبغىِ لا الخال وهل مهجركمن قَالَ
آمَنْتُ بِمَا آمَنَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ يقول:
أنفي لك عان رَاغِمٌ مَهْمَا تُجَشِّمُنِي فَإِنِّي جَاشِمٌ
ثُمَ يَخِرُّ فيسجد.
قَالَ: وَجَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يارسول اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا رَأَيْتَ وَكَمَا بَلَغَكَ أَفَأَسْتَغْفِرُ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَةً وَحْدَهُ. وَأَتَى زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَهُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ سُفْرَةٍ لَهُمَا فَدَعَوَاهُ لِطَعَامِهِمَا، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا ابْنَ أَخِي لا نأكل مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ".
هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، نُفَيْلٌ وَهِشَامٌ ذَكَرَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الثقات، والباقي على شرط مسلم، إلا أن المسعودي اختلط بآخره، وممن رَوَى عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي تَبْيِينِ حَالِ الْمُخْتَلِطِينَ.
68 / 2 - رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مَسْنَدِهِ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ ... فَذَكَرَهُ.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ... " الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "ذَاكَ أُمَّةٌ وحده يحشر بيني وبين عيسى ابن مريم "، وفيه: "وسألته عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَمْشِي في بُطنان الْجَنَّةِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ ... " الْحَدِيثُ.

الصفحة 104