كتاب إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (اسم الجزء: 7)

الأصوات ولا تؤبن فيه الحُرم ولا تثنى فلتاته معتدلين مصونين يتفاضلون فيه بالتقوى متواضعين يُوقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ وَيُرْفِدُونَ ذَا الحَاجَةِ وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ. قَالَ: فَسَأَلتُهُ عَنْ سِيرَتِهِ في جلسائه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِمَ الْبِشْرِ
سَهْلَ الْخُلُقِ لَيِّنَ الْجَانِبِ ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا فحاش وَلَا عَيَّابٍ وَلَا مَدَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يشتهي ولا يؤيس منه ولا يجيب فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: مِنَ الرياء وَالإِكْثَارِ فِيمَا لَا يَعَنْيهِ وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ ولا يطلب عورته ولا يتكلم إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ وجلساؤه كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيرُ وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا لَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا له حتى يفرغ وحديثهم عنده حديث أوليتهم يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنهُ وَيَعْجَبُ مِمَّا يَعْجَبُونَ مِنهُ وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ ومسألته حتى إن كان أصحابه ليرثون له ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يَطْلُبُهَا فارفدوه. وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنَ مُكَافِئٍ وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ قَالَ كَانَ سُكُوتُهُ عَلَى أَرْبَعٍ: الْحِلْمُ وَالْحَذَرُ وَالتَّقْدِيرُ وَالتَّفكِيرُ فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةُ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَمَّا تفكيره ففيما يبقى ويفنى وجمع لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبرِ فَكَانَ لَا يُغضِبُهُ وَلَا يَستَفِزُّهُ وَجُمِعَ لَهُ الحَذَرُ فِي أَربَعٍ: أخذه بالحسنى لِيُقْتَدَى بِهِ وَتَرْكُهُ القَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ وَاجْتِهَادُهُ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ وَالْقِيَامُ لَهُمْ فِيمَا جمع لهم من أمر الدنيا وا لآخرة".
6322 / 2 - قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالدٍ الْقُرَشِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّؤَاسِيُّ عَنْ عَمرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيرٍ العجلي- من بني صنيعة- عَنْ يَزِيدَ بْنِ فُلَانٍ التَّمِيمِيِّ- مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ- عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ علي مثله أو نحوه إل أَنَّهُ قَالَ: " وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مدخله ومخرجه ومجلسه وسكتته "

الصفحة 22