كتاب ردة ولا ابا بكر لها - أبو الحسن الندوي
الفَلْسَفَةُ التِي حَمَلَتْهَا أُورُوبَا إِلَى الشَّرْقِ:
حملت أوروبا إلى الشرق الفلسفات التي قامت على إنكار أسس الدين وإنكار القوة المصرفة لهذا العالم، القوة الواعية التي أخرجت هذا العالم من العدم إلى الوجود وبيدها زمام الكون (الإله، الخلق والأمر) وعلى إنكار عالم الغيب والوحي والنبوات، وإنكار الشرائع السماوية، وإنكار القيم الروحية والخلقية، منها ما تبحث في علم الحياة والنشوة والارتقاء، ومنها ما تتصل بالأخلاق، ومنها ما تدور حول علم النفس، ومنها ما موضوعها الاقتصاد والسياسة، ومهما اختلفت هذه الفلسفات في ألوانها وأهدافها وأسسها، فإنها جميعًا تلتقي على النظرية المادية المحضة إلى الإنسان وإلى الكون والتعليل المادي لظواهرهما وأفعالهما.
غزت هذه الفلسفات المجتمع الشرقي الإسلامي وتغلغلت في أحشائه وكانت أعظمها انتشارًا وأعمقها جذورًا وأقواها سيطرة على العقول والقلوب، وأقبل عليها زهرة البلاد الإسلامية وزبدتها عقلاً وثقافةً، وساغتها وهضمتها ودانت بها كما يدين
الصفحة 6
28