كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

فلا يحمل على ما ليس في لغتهم وعورض بوجوه الأول أنا نجد سورا كثيرة أفتتحت بألم وحم والمقصود رفع الإشتباه الثاني لو كانت أسماء لو ردت ولأشتهرت بها والشهرة بخلافها كسورة البقرة و آل عمران الثالث أن العرب لم تتجاوز ما سموا به مجموع أسمين كبعلبك ولم يسم أحد منهم بمجموع ثلاثة أسماء وأربعة وخمسة فالقول بأنها أسماء السور خروج عن لغتهم الرابع أنه يؤدي إلى إتحاد الأسم والمسمى الخامس أن هذه الألفاظ داخلة في السور وجزء الشيء متقدم على الشيء بالرتبة وأسم الشيء متأخر عنه فيلزم أن يكون متقدما متأخرا معا وهو محال وأجيب عن الأول بما يجاب عن الأعلام المشتركة من أنها ليست بوضع واحد وعن الثاني بأنه ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم يس قلب القرآن ومن قرأ حم حفظ إلى أن يصبح وفي السنن أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سجد في ص وإذا ثبت في البعض ثبت في الجميع إذ لا فارق مع أن شهرة أحد العلمين لا يضر علمية الآخر فكم من مسمى لا يعرف أسمه إلا بعد التنقير لإشتهاره بغيره كأبي هريرة وذي اليدين وعدم إشتهار بعضها لكونه مشتركا فترك لإحتياجه إلى ضميمة كألم هنا وعن الثالث بأن التسمية بثلاثة أسماء مثلا إنما تمتنع إذا ركبت وجعلت إسما واحدا فأما إذا نثرت نثر أسماء الأعداد فلا لأنها من باب التسمية بما حقه أن يحكي
وقد وردت التسمية بثلاثة ألفاظ كشاب قرناها وسر من رأى ودار بجردوسى سيبويه بين التسمية بالجملة والبيت من الشعر وطائفة من أسماء حروف المعجم وعن الرابع بأن هذه التسمية من تسمية مؤلف بمفرد والمفرد غير المؤلف فلا إتحاد ألا ترى أنهم جعلوا أسم الحرف مؤلفات منه من غيره كصاد فهما متغايران ذاتا وصفة وعن الخامس بأن تأخر ما هو متقدم بإعتبار آخر غير مستحيل والجزء مقدم من حيث ذاته مؤخر من حيث وصفه وهو الأسمية فلا محذور وقال بعضهم : كونها أسماء الحروف المقطعة أقرب إلى التحقيق لظهوره وعدم التجوز فيه وسلامته مما يرد على غيره ولأنه الأمر المحقق وأوفق للطائف التنزيل لدلالته على الإعجاز قصدا ووقوع الإشتراك في الأعلام من واضع واحد فإنه يعود بالنقض على ما هو مقصود العلمية وكلام سيبويه وغيره ليس نصا فيها لإحتمال أنهم أرادوا أنها جارية مجراها كما يقولون قرأت بانت سعاد و قل هو الله أحد أي ما أوله ذلك فلما غلب جريانها على الألسنة صارت بمنزلة الأعلام الغالبة فذكرت في باب العلم وأثبتت لها أحكامه على أن ماذكر في الإعتراض الثالث مما لا محيص عنه إذ عدم وجود التسمية بثلاثة أسماء وأربعة وخمسة في كلام العرب مما لا شك فيه وما نقل عن سيبويه مجرد قياس محتاج للإثبات كما ذكره السيد السند هذا ووراء هذين القولين أقوال أخشى من نقلها الملال والذي يغلب على الظن أن تحقيق ذلك علم مستور وسر محجوب عجزت العلماء كما قال إبن عباس عن إدراكه وقصرت خيول الخيال عن لحاقه ولهذا قال الصديق رضي الله تعالى عنه : لكل كتاب سر وسر القرآن أوائل السور وقال الشعبي : سر الله تعالى فلا تطلبوه بين المحبين سر ليس يفشيه قول ولا قلم للخلق يحكيه فلا يعرفه بعد رسول الله إلا الأولياء الورثة فهم يعرفونه من تلك الحضرة وقد تنطق لهم الحروف عما فيها كما كانت تنطق لمن سبح بكفه الحصى وكلمه الضب والظبي كما صح ذلك من رواية أجدادنا أهل البيت رضي الله تعالى عنهم بل متى جنى العبد ثمرة شجرة قرب النوافل علمها وغيرها بعلم الله تعالى الذي لايعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وما ذكره المستدل سابقا من أنه لو لم تكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل إلخ فمهمل من القول وإن جل قائله لأنه إن أراد إفهام جميع الناس فلا نسلم أنه موجود في العلمية وإن أراد إفهام

الصفحة 100