كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
فالألف كاملة من جميع وجوهها والنون ناقصة فالشمس كاملة والقمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة وهي الأمانة التي حملها وعلى قدر محوه وسراره إثباته وظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الألهى في الحضرة الأحدية وثلاثة طلوع القمر القلبي الألهي في الحضرة الربانية وما بينهما في الخروج والرجوع قدما بقدم لا يختل أبدا ثم جعل سبحانه وتعالى هذه الحروف على مراتب منها موصول ومنها مقطوع ومنها مفرد ومثنى ومجموع ثم نبه أن في كل وصل قطعا وليس في كل قطع وصل فكل وصل يدل على فصل وليس كل فصل يدل على وصل والوصل والفصل في الجمع وغير الجمع والفصل وحده في عين الفرق فما أفرده من هذا فإشارة إلى فناء رسم العبد أن لا أو ما أثبته فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا وما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تتناهى والأفراد للبحر الأزلي والجمع للبحر الأبدي والمثنى للبرزخ المحمدي الإنساني والألف فيما نحن فيه إشارة إلى التوحيد والميم إشارة إلى الملك الذي لا يبيد واللام بينهما واسطة ليكون بينهما رابى فأنظر إلى السطر الذي يقع عليه الخط من اللام فتجد الألف إليه بنتهي أصلها وتجد الميم منه يبتديء نشؤها ثم تنزل من أحسن تقويم وهو موضع السطر إلى اسفل سافلين منتهى تعريف الميم ونزول الألف إلى السطر مثل قوله ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهو أول عالم التركيب لأنه سماء آدم عليه السلام ويليه فلك النار فلذلك نزل إلى أول السطر فإنه سبحانه وتعالى نزل من مقام الأحدية إلى مقام إيجاد الخليفة نزول تقدس وتنزيه لا نزول تمثيل وتشبيه وكانت اللام واسطة وهي نائبة مناب المكون والكون فهيء القدرة التي عنها وجد العالم فأشبهت الألف في النزول إلى أول السطر ولما كانت ممتزجة من المكون والكون فإنه سبحانه وتعالى لا يتصف بالقدرة على نفسه وإنما هو قادر على خلقه فكان وجه القدرة مصروفا إلى الخلق فلا بد من تعلقها بهم ولما كانت حقيقتها لا تتم بالوصول إلى السطر فتكون هي والألف على مرتبة واحدة طلبت بحقيقتها النزول تحت السطر أو عليه كما نزل الميم فنزلت إلى إيجاده ولم تتمكن أن تنزل على صورته فكان لا يوجد عنها إلا الميم فنزلت نصف دائرة حتى بلغت إلى السطر من غير الجهة التي نزلت منها فصارت نصف فلك محسوس تطلب نصف فلك معقول فكان منهما فلك دائر فكان العالم كله في ستة أيام أجناسا منأول يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة وبقى يوم السبت للإنتقال من مقام إلى مقام ومن حال إلى حال فصار ألم فلكا محيطا منورائه علم الذات والصفات والأفعال والمفعولات فمن قرأها بهذه الحقيقة حضر بالكل للكل مع الكل إلى آخر ما قال وذكر في كتاب الإسرار إلى المقام الأسري ما يشير إلى دقائق أفكار وخفابا أسرار مبنية على أعداد الحروف وهي ثلاثة آلاف وخمسمائة وأثنين وثلاثين وأول التفصيل من نوح إلى آشراق يوح ثم إلى آخر التركيب الذي نزل فيه الكلمة والروح فبعد عدده تضربه وتجمعه وتحط منه طرحا وتضعه يبدو لك تمام الشريعة حتى إلى إنخرام الطبيعة ومما يستأنس به لذلك ما رواه العز بن عبدالسلام أن عليا رضي الله تعالى عنه أستخرج وقعة معاوية من حمسعق وأستخرج أبو الحكم عبدالسلام بن برجان في تفسيره فتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة من قوله تعالى : ألم غلبت الروم وذكر الشيخ قدس سره كيفية إستخراج ذلك بغير الطريق الذي ذكره وهو أن تأخذ عدد ألم بالجزم الصغير فيكون ثمانية وتجمعها إلى ثمانية البضع في الآية فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للألف للأس فتبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير وهو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين وأجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون سنة فتضيف إليها الخمسة عشر التي مسكتها عندك فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة
الصفحة 102
404