كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
من الأغيار ومن الطرائف أن بعض الشيعة أستأنس بهذه الحروف لخلافة الأمير علي كرم الله تعالى وجهه فإنه إذا حذف منها المكرر يبقى ما يمكن أن يخرج منه صراط على حق نمسكه ولك أيها السني أن تستأنس بها لما أنت عليه فإنه بعد الحذف يبقى ما يمكن أن يخرج منه ما يكون خطابا للشيعي وتذكيرا له بما ورد في حق الأصحاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين وهو طرق سمعك النصيحة وهذا مثل ما ذكروه حرفا بحرف وإن شئت قلت صح طريقك مع السنة ولعله أولى وألطف وبالجملة عجائب هذه الفواتح لا تنفد ولا يحصرها العد وكل يدعي وصلا لليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا وقد أختلف اناس في إعرابها حسبما أختلفت أقوالهم فيها فإن جعلت أسماء للسور مثلا كان لها حظ من الإعراب رفعا ونصبا وجرا فالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف والنصب بتقدير فعل القسم أؤ فعل يناسب المقام وجاز النصب بتقدير فعل القسم فيما وقع بعده مجرور مع الواو ونحو ق والقرآن مع أنه يلزم المخالفة بين المتعاطفين في الإعراب إن جعلت الواو للعطف وإجتماع قسمين على شيء واحد إن جعلت للقسم وهو مستكره كما قاله الخليل وسيبويه لأن المعطوف عليه في محل يقع فيه المجرور فيكون العطف على المحل ويقدر الجواب من جنس ما بعد إن كانت للقسم أولا حاجة للتقدير ويكتفى بجواب واحد إذ لا مانع من جعل أحد القسمين مؤكدا للآخر من غير عطف أو يقال هما لما كانا مؤكدين لشيء واحد وهو الجواب جاز ذلك ولا وجه وجيه للإستكراه وإن كان للضلالة أب فالتقليد أبوها والجر على إضمار حرف القسم وقول إبن هشام أنه وهم لأن ذلك مختص عند البصريين بأسم الله سبحانه وبأنه لا جواب للقسم في سورة البقرة ونحوها ولا يصح جعل ما بعد جوابا وحذفت اللام كحذفها في قوله : ورب السموات العلى وبروجها والأرض وما فيها المقدر كائن لأن ذلك على قلته مخصوص بإستطالة القسم وهم لا يخفى على الوليد إذ مذهبنا كوفي وإتباع البصري ليس بفرض وكثيرا ما يستغنى عن الجواب بما يدل عليه والمقسم عليه مضمون ما بعده وهو قرينة قريبة وبهذا صرح في التسهيل وشروحه وحديث الإستطالة ليس بلازم بل هو الأغلب كما صرح به إبن مالك
ثم ما كان من هذه الفواتح مفردا كص أو موازنا له كحم بزنة قابيل يتأتى فيه الإعراب لفظا أو محلا بأن يسكن حكاية لحاله قبل ويقدر إعرابه وهو غير نصرف للعلمية والتأنيث وما خالفهما نحو كهيعص يحكى لا غير وجازت الحكاية في هذه الأسماء مع أنها مختصة بالأعلام التي نقلت من الجمل كتأبط شرا لرعاية صورها المنبئة عن نقلها إلى العلمية وفي الألفاظ التي وقعت أعلاما لأنفسها كضرب فعل ماض لحفظ المجانسة مع المسمى في الأشعار بأنها لم تنقل عن أصلها بالكلية لأنها كثرة إستعمالها معدودة موقوفة صارت هذه الحالة كأنها أصل فلما جعلت أعلاما جازت حكايتها على تلك الهيئة الراسخة تنبيها على أن فيها سمة من ملاحظة الأصل وهو الحروف المبسوطة والمقصد الإيقاظ وقرع العصا فتجويز الحكاية مخصوص بهذه الأسماء أعلاما للسور وإلا فلم تجز الحكاية كذا في الحواشي الشريفة الشريفية وإطباق النحاة على أن المفردات تحكى بعد من وأي الإستفهاميتين وبدونهما كقولهم دعنا من تمرتان مخالف لدعوى الإختصاص التي حكاها كما لا يخفى وإن أبقيت على معانيها مسرودة على نمط التعديد لم تعرب لعدم المقتضى والعامل وكذا إذا جعلت أبعاضا على الصحيح أو مزيدة
الصفحة 104
404