كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

نزولها إليهم أيضا كما صح تعبدنا بتفاصيل القرآن ودخولنا تحت أحكامه نسبة نزوله إلينا و الأسباط جمع سبط كأحمال وحمل وهم أولاد إسرائيل وقيل : هم في أولاد إسحاق كالقبائل في أولاد إسماعيل مأخوذ من السبط وهو شجرة كثيرة الأغصان فكأنهم سموا بذلك لكثرتهم وقيل : من السبوطة وهي الإسترسال وقيل : إنه مقلوب البسط وقيل : للحسنين سبطا رسول الله لإنتشار ذريتهم ثم قيل لكل إبن بنت : سبط وكذا قيل له : حفيد أيضا وأختلف الناس في الأسباط أولاد يعقوب هل كانوا كلهم أنبياء أم لا والذي صح عندي الثاني وهو لمروى عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنهوإليه ذهب الإمام السيوطيوألف فيه لأن ما وقع منهم مع يوسف عليه الصلاة و السلام ينافي النبوة قطعا وكونه قبل البلوغ غير مسلم لأن فيه أفعالا لا يقدر عليها إلا البالغون وعلى تقدير التسليم لايجدي نفعا على ما هو القول الصحيح في شان الأنبياء وكم كبيرة تضمن ذلك الفعل وليس في القرآن ما يدل على نبوتهم والآية قد علمت ما ذكرنا فيها فأحفظ ذلك هديت
وما أوتي موسى وعيسى أي التوراة والإنجيل ولكون أهل الكتاب زادوا ونقصوا وحرفوا فيهما وأدعوا أنهما أنزلا كذلك والمؤمنون ينكرونه أهتم بشأنهما فأفردهما بالذكر وبين طريق الإيمان بهما ولم يدرجهما في الموصول السابق ولأن أمرهما أيضا بالنسبة إلى موسى وعيسى أنهما منزلان عليهما حقيقة لا بإعتبار التعبد فقط كما في المنزل على إسحاق ويعقوب والأسباط ولم يعد الموصول لذلك في عيسى لعدم مخالفة شريعته لشريعة موسى إلا في النزر ولذلك الإهتمام عبربالإيتاء دون الإنزال أبلغ لكونه المقصود منه ولما فيه من الدلالة على الإعطاء الذي فيه شبه التمليك والتفويض ولهذا يقال : أنزلت الدلو في البئر ولا تقول : آتيتها إياها ولك أن تقول : المراد بالموصول هنا ما هو أعم من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الظاهرة بأيدي هذين النبيين الجليلين حسبما فصل في التنزيل الجليل وإيثار الإيتاء له التعميم وتخصيص النبيين بالذكر لما أن الكلام معاليهود والنصارى
وما أوتي النبيون وهي الكتب التي خصت من خصته منهم أو ما يشمل ذلك والمعجزات وهو تعيميم بعد التخصيص كيلا يخرج من الإيمان أحد من الأنبياء من ربهم متعق ب أوتي قبل والضمير للبيين خاصة وقيل : ل موسى وعيسى ايضا ويكون ما أوتي تكريرا للأولى والجار متعلقا بها وهوعلى التقديرينظرف لغو وجوز أن يكون في موضع الحال من العائد المحذوف وإحتمال أن يكون ما مبتدأ والجار خبره بعيد لا نفرق بين أحد منهم أي كما فرق أهل الكتاب فآمنوا ببعض وكفروا ببعضبل نؤمن بهم جميعاوإنما أعتبر عدم التفريق بينهم مع أن الكلام فيما أوتوه لإستلزام ذلكعدم التفريقفيه بينما أتوهو أحد أصله وحد بمعنى واحد وحيث وقع في سياق النفي عم وأستوى فيه الواحد والكثير وصح إرادة كل منهما وقد أريد به هنا الجماعة ولهذا ساغ أن يضاف إليه بين ويفيد عموم الجماعات كذا قاله بعض المحققين وهو مخالف لما هو المشهور عند أرباب العربية من أن الموضوع في النفي العام أو المستعمل مع كل في ألإثبات همزته أصلية بخلاف ما أستعمل في ألثبات بدون كل فإن همزته منقلبة عن واو ومن هنا قال العلامة التفتازاني : إن أحد في معنى الجماعة بحسب الوضع لأنه أسم لمن يصلح أن يخاطب يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع ويشترط أن يكون إستعماله مع

الصفحة 395