كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
أيضا لكنهم لم يصلوا فيه إلى رتبة أهل الكتاب لما أنهم أميون عارون عن سائر العلوم جاهلون بوظائف البحث بالكلية نظرا إلى أولئك القائمين على ساق الجدال وإن القرينتين السابقة واللاحقة على التقييد في غاية الخفاء وأن ما روى في سبب النزول ليس مذكورا في شيء من كتب الحديث ولا التفاسير المعتبرة كما نص على ذلك الإمام السيوطي وكفى به حجة في هذا الشأن
وهو ربنا وربكم جملة حالية أي أتجادلوننا والحال أنه لا وجه للمجادلة أصلا لأنه تعالى مالك أمرنا وأمركم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم عطف على ما قبله أي لنا جزاء أعمالنا الحسنة الموافقة لأمره ولكم جزاء أعمالكم السيئة المخالفة لحكمه ونحن له مخلصون 931 في تلك الأعمال لا نبتغي بها إلا وجهه فأتني لكم المحاجة ودعوى حقية ما أنتم عليه والقطع بدخول الجنة بسببه ودعوة الناس إليه والجملة حالية كالتي قبلها وذهب بعض المحققين أن هذه الجملة كجملتي ونحن له مسلمون ونحن له عابدون إعتراض وتذييل للكلام الذي عقب له مقول على ألإسنة العباد بتعليم الله تعالى لا عطف وتحريره أن ونحن له مسلمون مناسب لآمنا أي نؤمن بالله وبما أنزل على الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم ونستسلم له وننقاد لأوامره ونواهيه وقوله تعالى : ونحن له عابدون ملائم لقوله تعالى : صبغة الله لأنها بمعنى دين الله فالمصدر كاف ذلك لما سبق وهذه الآية موافقة لما قبلها ولعل الذوق السليم لاي أباه وأما القول بأن معنى وهو ربنا إلخ أنه لا إختصاص له تعالى بقوم دون قوم فيصيب برحمته من يشاء فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا كما أمركم بأعمالكم كأنه ألزمهم على كل مذهب يفتحونه إفحاما وتبكيتا فإن كراة النبوة إما تفضل من الله تعالى فالكل فيه سواء وإما إفاضة حق على المستحقين لها بالمواظبة على الطاعة والتحلي بالإخلاص فكما أن لكم أعمالا ربما يعتبرها الله تعالى في إعطائها فلنا أيضا أعمال ونحن له مخلصون بها لا أنتم فمع بنائه على ما علمت ركاكته غير ملائم لسباق النظم الكريم وسياقه بل غير صحيح في نفسه كما أفتى به مولانا مفتي الديار الرومية لما أن المراد بالأعمال من الطرفين ما أشير إليه من الأعمال الصالحة والسيئة ولا ريب أن أمر الصلاح والسوء يدور على موافقة الدين المبني على البعثة ومخالفته فكيف يتصور إعتبار تلك الأعمال في إستحقاق النبوة وإستعدادها المتقدم على البعثة بمراتب هذا ! وقد أختلف الناس في الإخلاص فروى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أه قال : سألت جبريل عن الإخلاص ما هو فقال : سألت رب العزة عنه فقال : سر من أسراري أستودعته قلب من أحببته من عبادي وقال سعيد بن جبير : الإخلاص أن لا تشرك في دينه ولا تراء أحدا في عمله وقال الفضيل : ترك العمل من أجل الناس رياءا والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله تعالى منهما وقال حذيفة المرعشي : أن تستوي أفعال العبد في الباطن والظاهر وقال أبو يعقوب : المكفوف أن يكتم العبد حسناته كما يكتم سيآته وقال سهل : هو الإفلاس ومعناه إحتقار العمل وهو معنى قول رويم إرتفاع عملك عن الرؤية قيل : ومقابل الإخلاص الرياء وذكر سليمان الداراني ثلاث علامات له الكسل عند العبادة في الوحدة والنشاط في الكثرة وحب الثناء على العمل
أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى أم إما متصلة معادلة للهمزة في أتحاجوننا داخلة في حيز الأمر والمراد بالإستفهام إنكارهما معا بمعنى كل من الأمرين منكر ينبغي أن لايكون إقامة الحجة وتنوير البرهان على حقية ما أنتم عليه والحال ما ذكر والتشبث بذيل التقليد والإفتراء