كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

والكلام على حذف مضاف أي كتم من عباد الله شهادة عندهومعناه أنه تعالى ذمهم على منع ان يوصلوا إلى عباد الله تعالى ويؤدوا إليهم شهادة الحق ولا يخفى ما في هذين الوجهين من التكلف والتعسف وإنحطاط المعنى فيلنزه كتاب الله تعالى العظيم عنه على أنك لو نظرت بعين الإنصاف رايت الوجه الثاني من الأولين لا يخلو عن بعد لأن الآية إنما تقدمها الإنكار لما نسب إلى إبراهيم عليه السلام ومن ذكر معه فالذي يليق أن يكون الكلام مع أهل الكتاب لا مع الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأتباعه لأنهم مقرون بما أخبر الله تعالى به وعالمون بدلك فلا يفرض في حقهم كتمانه والتذييل الذي أدعى فيه خلاف الظاهر أيضا
وما الله بغافل عما تعملون 041 وعيد وتهديد لاهل الكتاب أي إن الله تعالى لايترك أمركم سدى بل هو محصل لإعمالكم محيط بجميع ما تأتون وتذرون فيعاقبكم بذلك أشد عقاب ويدخل في ذلك كتمانهم لشهادته تعالى وإفتراؤهم على أنبيائه عليهم السلام وقريء عما يعملون بصيغة الغيبة فالضمير إما لمن كتم بإعتبار المعنى أو لأهل الكتاب
تلك أمة قدخلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون 141 تكرير لما تقدم للمبالغة في التحذير عما أستحكم في الطباع من الإفتخار بالآباء والإتكال عليهم كما يقال : أتق الله أتق الله أو تأكيد وتقرير للوعيد يعني أن الله تعالى يجازيكم على أعمالكم ولا تنفعكم آباؤكم ولا تسألون يوم القيامة عن أعمالهم بل عن أعمال أنفسكم وقيل : الخطاب فيما سبق لأهل الكتاب وفي هذه الآية لنا تحذيرا عن الإقتداء بهم وقيل : المراد بالأمة في الأول الأنبياء وفي الثاني اسلاف اليهود لأن القوم لما قالوا في إبراهيم وبنيه إنهم كانوا ما كانوا فكأنهم قالوا إنهم على مثل طريقة أسلافنا فصار سلفهم في حكم المذكورين فجاز أن يعنوا بالآية ولا يخفى ما في ذلك من التعسف الظاهر 2

الصفحة 401