كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
ذوي العلم نحو أستعينوا بالصبر والصلاة وقال غير واحد سلمنا أن الإستعانة لا تكون إلا بالذات إلا أن التبرك لا يكون بها وقد قالوا به ولهذا أو للفرق بين اليمين والتيمن أو لئلا يختص التبرك بإسم دون أسم أو ليكون أشد وفاقا لحديث الإبتداء على ما قيل قال بسم الله ولم يقل بالله ولم تكتب همزة الوصل مع أن الأصل في كل كلمة أن ترسم بإعتبار ما يتلفظ بها في الوقف وفي الإبتداء بل حذفت تبعا لحذفها في التلفظ للكثرة وقيل لأنها دخلت للإبتداء بالسين الساكنة فلما نابت الباء عنها سقطت في الخط بخلاف أقرأ بإسم ربك إذ الباء لا تنوب منابها فيه إذ يمكن حذفها مع بقاء المعنى فيقالأقرأ أسم ربكوظاهره أن الذي منع من الإسقاط في الآية إمكان حذف الباء فقط وهو مخالف لما ذكره الدماميني من أنه لابد للحذف منأمرين عدم ذكر المتعلق وإضافة لفظ أسم للجلالة وكلاهما منتف في الآية وهل يشترط تمام البسملة فيه فيه تردد وظاهر كلام التسهيل إشتراطه وقيل لا حذف فيه والباء داخلة على أسم أحد اللغات السابقة ثم سكنت السين هربا من توالي كسرتين أو إنتقاله من كسرة لضمة وهو مع غرابته بعيد وعندي أن هذا رسم عثماني وهو مما لا يكاد يعرف السر فيه أرباب الرسوم والكثير من عللهم غير مطردة وبذلك أعتذر البعض عن عدم حذف ألف الله مع كثرة إستعماله وأستغنى به عن الجواب بشدة الإمتزاج وبأنها عوض وبأنه يلزم الإجحاف لو حذفت أو الإلتباس بقولنا لله مجرورا فالرأي إبداء سر ذوقي لذلك وقد حرره الشيخ الأكبر قدس سره في الفتوحات بما لا مزيد عليه ولست ممن يفهمه والقريب من الفهم أن الهمزة إنما حذفت في الخط ليكون إتصال السين بالباء المشير إلى ما تقدم أتم وتلقى الفيض أقوى ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة وفيه إشارة من أول الأمر إلى عموم الرحمة وشمول البعثة لأن السين لما كان ساكنا وتوصل إلى النطق به بالألف أشبه حال المعدوم الذي ظهر بالله وحيث كان ذلك عاما إذ ما من معدوم يطلب الظهور إلا يكون ظهوره بالله سبحانه وتعالى أعطى ذلك الحكم لما قام مقامه وأتصل إتصاله وأدى في اللفظ مؤداه فإن كان عبارة عن صفات الجمال ظهر عموم الرحمة ورحمتي وسعت كل شيء وإن كان عبارة عن الحقيقة المحمدية ظهر شمول البعثة ليكون للعالمين نذيرا بل والرحمة أيضا وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وتناسبت أجزاء البسملة إشارة وعبارة وإنما طولت الباء للإشارة إلى أن الظهور تام أو إلى أنها وإن إنخفضت لكنها إذا أتصلت هذا الإتصال أرتفعت وأستعلت وفيه رمز إلى أن من تواضع لله رفعه الله وأنا عند المنكسرة قلوبهم منأجلي وقال الرسميون طولت لتدل على الألف المحذوفة ولتكون عوضا عنها وليكون إفتتاح كتاب الله تعالى بحرف مفخم ولذا قال لمعاوية فيما روى ألق الدواة وحرف القلم وأنصب الباء وفرق السين ولا تعور الميم وحس الله ومد الرحمن وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك ولعل منه أخذ عمر بن عبدالعزيز قوله لكاتبه طول الباء وأظهر السينات ودور الميم ولبعضهم في التعليل ما أدعى أنه ليس من عمل الأفهام بل مبذولات الألهام وهو في التحقيق من مبتذلات الأوهام وليس له في التحقيق أدنى إلمام على أن في تعليلهم السابق خفاء بالنظر إلى مشربهم أيضا فأفهم ذلك كله والله أصله الأعلالي إله كما في الصحاح أو الإله كما في الكشافولكل وجهة فحذفت الهمزة إعتباطا على الأظهر وعوض عنها
الصفحة 54
404