كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

فشرطه العلمية وفي صفة فإنتفاء فعلانة وقيل وجود فعلى ومن ثمة أختلف في رحمن دون سكران وندمان وبنو أسد يصرفون جميع فعلان لأنهم يقولون في كل مؤنث له فعلانة أهو قال في التسهيل وأختلف فيما لزم تذكيره كلحيان بمعنى كبير اللحية فمن منعه ألحقه بباب سكران لأنه أكثر ومن حذفه راى أنه ضعف داعى منعه والأصل الصرف وأختار الزمشخري والشيخ الرضي وإبن مالك وأستظهره البيضاوي عدم الصرف إلحاقا له بما هو أغلب في بابه لأن الغالب في فعلان صفة فعلى حتى ذكر الإمام السيوطي أن ما مؤنثه فعلانة لم يجيء إلا أربعة عشر لفظا بل إن فعلان صفة من فعل بالكسر لم يجيء منه ما مؤنثه فعلانة أصلا إلا ما رواه المرزوقي من خشيان وخشيانة وإنما اقتضى الإلحاق أظهرية ذلك مع أن كون الأصل في الأسم الصرف يقتضي خلافه لأن رعاية ما هو الغالب في النوع أولى من رعاية الأصل والحشر مع الجماعة عيد ولما رأى السعد أن هذه المسألة مما تعارض فيها الأصل والغالب ولم يترجح عنده أحدهما مال إلى جواز الصرف وعدمه عملا بالأمرين والأعمال في الجملة أولى من الأهمال بالكلية وحيث لم يسمع هذا الأسم إلا مضافا أو معرفا بأل أو منادى وما ورد شاذا كما في البيت لا يصلح شاهدا لأحد الأمرين لإحتمال أن يكون ممنوعا وألفه للإطلاق عدلوا إلى الإستدلال وأتسعت دائرة المقال والرحيم سليم من هذا فأفهم ذاك والله يتولى هداك وإنما جعل الله البسملة مبدأ كلامه لوجهين أما الأول فلأنها إجمال ما بعدها وهي آية عظيمة ونعمة للعارف جسيمة لا نهاية لفوائدها ولا غاية لقيمة فوائدها والباحث عنها مع قصرها إذا أراد ذرة من علمها ودرة من عيلمها أحتاج إلى باع طويل في العلوم وإطلاع عريض في المنطوق والمفهوم مثلا إذا أراد أن يبحث عن الباء من حيث أنها حرف جر بل عن سائر كلماتها من حيث الإعراب والبناء أحتاج إل ىعلم النحو وإذا أراد أن يبحث عنأصول كلماتها كيف كانت وكيف آلت أحتاج إلى علمي الصرف والإشتقاق وإن أراد أن يبحث عن نحو القصر بأقسامه وهل يوجد فيها شيء منه أحتاج إلى علم المعاني وإن أراد أن يبحث عما فيها من الحقيقة والمجاز أحتاج إلى علم البيان وإن أراد أن يبحث عما بين كلماتها من المحسنات اللفظية أحتاج إل ىعلم البديع وإن أراد أن يبحث عنها من حيث أنها شعر أو نثر موزون أو غير موزون مثلا أحتاج إلى علمي العروض والقوافي وإن أراد أن يعرف مدلولات الألفاظ لغة أحتاج إلى مراجعة اللغة وإن أراد أن يعرف من أي الأقسام وضع هاتيك الألفاظ أحتاج إل ىعلم الوضع وإن أراد معرفة ما في رسمها أحتاج إلى علم الخط وإن أراد البحث عن كونها قضية ومن أي قسم من أقسامها أو غير قضية أحتاج إلى علم المنطق وإن أراد أن يعرف أن كنه ما فيها من الأسماء هل يعلم أولا أحتاج إلى علم الكلام وإن أراد معرفة حكم الإبتداء بها وهل يختلف بإختلاف المبدوء به أحتاج إلى علم الفقه وإن أراد معرفة أن ما فيها ظاهر أو نص مثلا أحتاج إل ىعلم الأصول وإن أراد معرفة تواترها أحتاج إلى علم المصطلح وإن أراد معرفة أنها من أي مقولة من الأعراض أحتاج إلى علم الحكمة وإن أراد معرفة طبائع حروفها أحتاج إلى علم الحرف وإن أراد معرفة أنواع الرحمة المشار إليها بها أحتاج إلى علم الأفلاك وعلم تشريح الأعضاء وخواص الأشياء وعلم المساحة وغير ذلك وإن أراد معرفة ما يمكن التخلق به مما تدل عليه الأسماء أحتاج إلى علم الأخلاق وإن أراد معرفة ما خفى على أرباب الرسوم من الإشارات فليضرع إلى ربه وإن أراد أن يقف على جميع ما فيها من الأسرار فليعد غير المتناهي وكيف يطمع في ذلك وهي عنوان كلام الله تعالى المجيد وخال وجنة القرآن الذي لا يأتيه الباطل

الصفحة 65