كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
والمطالع وجزم به المحقق الملا خسروا وأدعى أنه ألأشهر إلا أن العلامة في شرح التهذيب نقل عن عن البعض وجوب كونه إختياريا وأختاره كما في المحمود عليه فكما لم يسمع الحمد على رشاقة القد وصباحة الخد لم يسمع الحمد بهما وعدم حمد اللؤلؤة كما يمكن كونه من جهة حال المحمود عليه يمكن كونه من جهة المحمود فجعله دليلا على أحدهما فقط تحكم الثاني ما يقع الثناء بإزائه ويقابله بمعنى أن المثنى عليه لما أتصف به أظهر كماله ولولاه لم يتحقق ذلك فهو كالعلة الباعثة وقد يكون الشيء الواحد محمودا به وعليه معا كأن رأى منينعم أو يصلي فأظهر إتصافه بذلك فهناك يتحقق الأمران لحيثيتين ويجب أن يكون كمالا على نحو ما سبق وظاهر كلام الجمهور أنه أعم من كونه فعلا صادرا من المحمود أو كيفية قائمة به ويفهم كلام الإمام إختيار الأول وأشترط أن يكون حصوله من المحمود بإختياره وأستشكل الحمد على صفاته تعالى الذاتية سواء جعلت عين ذاته أو زائدة عليها وأجيب بأن الحمد عليها بتنزيلها منزلة الإختياري لكون ذاته كافية فيها أو بأن المراد بالفعل الإختياري المنسوب إلى الفاعل المختار سواء كان مختارا فيه أولا وقيل أنها صادرة بالإختيار بمعنى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل لا بمعنى صحة الفعل والترك أو بمعناه والصفات صادرة بالإختيار وسبقه عليها ذاتي فلا يلزم حدوثها وقيل أنه بالنظر إلى حمد البشر فالمراد ما جنسه إختياري كما قيل في قيد اللسان وأورد على الأول مع ما فيه أنه إنما يحسن إذا كان المعتاد في الأفعال الإختيارية كون فاعلها مستقلا في إيجادها من غير إحتياج إلى شيء آخر من آلة وغيرها ليظهر إستقامة التنزيل وليس كذلك فإن العمل الإختياري يحتاج إلى العلم والقدرة والكثير إلى آلة وأسباب وعلى الثاني أنه خلاف المتبادر وعلى الثالث أن هذا المعنى أدعاه الحكماء حين قالوا بقدم العالم للإيجاب فلزمهم أن لا يكون لموجده إرادة وقالوا إن صدق الشرطية لا يقتضي وجود مقدمها ولا عدمه فمقدم الأولى بالنسبة إلى وجود العالم دائم الوقوع ومقدم الثانية دائم اللا وقوع ولهذا أطلق عليه الصانع وهو من له الإرادة وهو صرح ممرد من قوارير لأن ما بالإرادة يصح وجوده بالنظر إلى ذات الفاعل فإن أريد بالدوام الدوام مع صحة وقوع النقيض فهو مخالف لما صرحوا به من إيجاب العالم بحيث لا يصح عدم وقوعه منه وإن أريد مع إمتناع الوقوع فليس هناك من الإرادة إلا لفظها ومتعلقها لا محيص عن حدوثه والعالم عندهم قديم وإختيار الشق الأول ثم القول بأن الصادر عن الموجب بالذات ليس واجبا كذلك بل ممكن بذاته والقدم زماني لا ذاتي وصحة وقوع النقيض لا يقتضي الوقوع إذا أحجم القلم عنه إنما يظهر في العالم ويبقى ما نحن فيه من الصفات ولا أقدم على إطلاق القول بإمكانها لإحتياجها للذات وإستنادها إليها وعلى الرابع أن أتصاف الصفات بالصدور لو أنشرحت لتوجيهه الصدور يبقى الإشكال في صفة القدرة ولا قدرة لدعوى صدورها بالإختيار وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه فلا حسم وعلى الخامس أن هاتيك الصفات مقدسة عن أن تشرك مع صفة البشر في جنس وأين الأزلي من الزائل ! على أنه على ما فيه خلاف المنساق إلى الذهن ولكثرة المقال والقيل لم يشترط بعضهم في المحمود عليه أن يكون إختياريا لأنه الباعث على الحمد وأي مانع من أن لا يكون كذلك ومن ذلك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وعند الصباح يحمى القوم السري وجاورته فما حمدت جواره
والصبر يحمد في المواطن كلها إلا عليك فإنه مذموم والحق الحقيقي بالإتباع أن الحمد اللغوي لا يكون إلا على الأفعال الإختيارية والحمد على الصفات الذاتية إما لغوي راجع لما يترتب عليها من الآثار الإختيارية أو عرفي ولا ضرر في تعلقه بها وما ذكر من الأمثلة ونحوها فالحمد فيها مجاز عن الرضا ويقال في الآية زيادة عليه أن محمودا حال من الضمير المنصوب أو نعت لمقاما والمعنى محمودا فيه
الصفحة 68
404