كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

والمطرد غلبة الأقوى الأضعف وقيل أن قراءة الحسن أحسن لأن الأكثر جعل الثاني متبوعا لأن ما مضى فات ولأن جعل غير اللازم تابعا للازم أولى والإستقامة عين الكرامة وكأنه لتعارض الترجيح قال الزمخشري : وأشف القراءتين قراءة إبراهيم فعبر بأشف وهو من الأضداد وقرأ هارون بن موسى الحمد لله بالنصب وعامة بني تميم وكثير من العرب ينصبون المصادر بالألف واللام وهو بفعل محذوف قدروه نحمد بنون الجماعة لأنه مقول على ألسنة العباد ومناسب لنعبد ونستعين لا بنون العظمة لعدم مناسبته لمقام العبادة المقتضى لغاية التذلل والخضوع ويجوز أن يكون من باب وإن حدثوا عنها فكلي مسامع وكلي إذا حدثتهم ألسن تتلو وحمل الغزالي قدس سره حديث صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة على ذلك وأرفع آت قراءة الرفع لدلالة الجملة الأسمية على الثبوت والدوام بقرينة المقام بخلاف الفعلية فإنها تدل على التجدد والحدوث وإن كان هناك ظرف فإن قدر متعلقه إسما فهو ظاهر وإلا فقد قيل الخبر الفعلي إنما يفيد الحدوث إذا كان مصرحا به على أنه قيل لا تقدير وما ذكره النحاة لأمر صناعي إقتضاه كقولهم الظرفية إختصار الفعلية وقيل أن الجملة الأسمية بمجردها لا تدل على ذلك بل مع إنضمام العدول وإن أعجبك فألتزمه فقد قيل بالعدول هنا ولكن ليس هذا في كلام الشيخ عبدالقاهر بل من تدبر كلامه في بحث الحال من الدلائل دفع بأقوى دليل الحال الذي عرض للناظرين وقولهم المضارع يفيد الأستمرار أرادوا به الأستمرار التجددي في المستقبل لا في جميع الأزمنة فلا ينافي ما قلنا وأختار الجملة الأسمية ههنا إجابة لداعي المقام وقد قال غير واحد أن أصل هذا المصدر النصب لأن المصادر إحداث متعلقة بمحالها فيقتضى أن تدل على نسبتها إليها والأصل في بيان النسبة في المتعلقات الأفعال فينبغي أن تلاحظ معها ويؤيد ذلك كثرة النصب في بعضها وإلتزامه في بعض آخر وقد تنزل منزلة أفعالها فتسد مسدها وتستوفي حقها لفظا ومعنى فيكون ذكرها معها كالشريعة المنسوخة يستنكرها المتدين بعقائد اللغة
وبقى ههنا أمور الأول أختلف في جملة الحمد هل هي إخبارية أم إنشائية فالذي عليه معظم العلماء أنها إخبارية كما يقتضيه الظاهر لما يلزم على الإنشاء من إنتفاء الإتصاف بالجميل قبل حمد الحامد ضررة أن الإنشاء يقارن معناه لفظه في الوجود واللازم باطل فالملزوم مثله ولا يرد أن القصد إحداث الحمد لا الأخبار بثبوته لأن الأخبار بثبوت جميع المحامد لله تعالى هو عين الحمد كما أن قولك الله واحد عين التوحيد وألف العلامة البخاري في الإنتصار لذلك ورد من زعم أنها إنشائية وأطال فيه وأهتم برده إبن الهمام وذكر أن ما ذكر باطل لأن اللازم من المقارنة إنتفاء وصف الواصف لا الإتصاف إذ الحمد إظهار الصفات لا ثبوتها وأيضا المخبر بالحمد

الصفحة 75