كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
بل يكاد يقطع الظاهر بالقطع ثم أنه سبحانه وتعالى بعد ماذكر عموم تربيته صرح بعظيم رحمته فقال عز شأنه الرحمن الرحيم وقد تقدم الكلام عليهما والجمهور على خفضهما ونصبهما زيد وأبو العالية وإبن السميقع وعيسى بن عمرو ورفعهما أبو رزين العقيلي والربيع بن خيثم وأبو عمران الجولي وأستدل بعض ساداتنا بتكرارهما على أن البسملة ليست آية من الفاتحة وليس بالقوى لأن التكرار لفائدة فذكرهما في البسملة تعليل للإبتداء بإسمه عز شأنه وذكرهما هنا تعليل لإستحقاقه تعالى الحمد وقال الإمام الرازي قدس سره في بيان حكمة التكرار التقدير كأنه قيل له أذكر أني إله ورب مرة واحدة وأذكر أني رحمن رحيم مرتين لتعلم أن العناية بالرحمة أكثر منها بسائر الأمور ثم لما بين الرحمة المضاعفة فكأنه قال لا تغتروا بذلك فإني مالك يوم الدين ونظيره قوله تعالى غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب إنتهى وفي القلب منه شيء فإن الألوهية مكررة أيضا كما ترى وعندي بمسلك صوفي أن ذكر الرحمن الرحيم تفصيل من وجه لما في رب العالمين من الإجمال وذلك أن التربية تنقسم ببعض الإعتبارات إلى قسمين أحدهما التربية بغير واسطة كالكلمة لأنه لا يتصور في حقه واسطة البتة وثانيهما التربية بواسطة كما فيمن دون الكلمة وهذا الثاني له قسمان أيضا قسم ممزوج بألم كما في تربية العبد بأمور مؤلمة له شاقة عليه وقسم لا مزج فيه كما في تربية كثير ممن شمله اللطف السبحاني غافل والسعادة أحتضنته وهو عنها مستوحش نفار فالرحمن يشير إلى التربية بالوسائط وغيرها في عالمه والرحيم يشير إلى التربية بلا واسطة في كلماته ورحمة الرحمن أيضا قد تمزج بالألم كشرب الدواء الكره الطعم والرائحة فإنه وإن كان رحمة بالمريض لكن فيه مالا يلائم طبعه ورحمة الرحيم لا يمازجها شوب فهي محض النعمة ولا توجد إلا عند أهل السعادات الكاملة
اللهم أجعلنا سعداء الدارين بحرمة سيد الثقلين صلى الله تعالى عليه وسلم مالك يوم الدين قرأ مالك كفاعل مخفوضا عاصم والكسائي وخلف في إختياره ويعقوب وهي قراءة العشرة إلا طلحة والزبير وقراءة كثير من الصحابة منهم أبي وإبن مسعود ومعاذ وإبن عباس والتابعين منهم قتادة والأعمش وقرأ ملك كفعل بالخفض أيضا باقي السبعة وزيد وأبو الدرداء وإبن عمرو والمسور وكثير من الصحابة والتابعين وقرأ ملك على وزن سهل أبو هريرة وعاصم الجحدري ورواها الجعفي وعبدالوارث عن أبي عمرو وهي لغة بكر بن وائل وقرأ ملكي بإشباع كثرة الكاف أحمد بن صالح عن ورش عن نافع وقرأ ملك على وزن عجل أبو عثمان والشعبي وعطية وقرأ أنس بن مالك وأبو نوفل عمرو بن مسلم البصري ملك يوم الدين بنصب الكاف من غير ألف وقرأ كذلك إلا أنه رفع الكاف سعد بن أبي وقاص وعائشة وقرأ ملك فعلا ماضيا أبو حنيفة على ما قيل وأبو حيوة وجبير بن مطعم وأبو عاصم عبيد بن عمير الليثي وينصبون اليوم وذكر إبن عطية أن هذه قراءة علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه والحسن ويحيى بن يعمر وقرأ مالك بالنصب الأعمش أيضا وإبن السميقع وعثمان بن أبي سليمان وعبدالملك قاضي الهند وذكر إبن عطية أنها قراءة عمر بن عبدالعزيز وأبي صالح السمان وروى إبن عاصم عن اليماني مالكا بالنصب والتنوين وقرأ مالك برفع الكاف والتنوين ورويت عن خلف وإبن هشام وأبي عبيد وأبي حاتم فينصب اليوم وقرأ مالك يوم بالرفع والإضافة أبو هريرة وأبو حيوة وعمر بن عبدالعزيز بخلاف عنهم ونسبها صاحب اللوامع إلى شداد العقيلي البصري وقرأ مليك كفعيل أبو هريرة
الصفحة 82
404