كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)

السلام عليك يارسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك فقال يارسول الله إني كنت في الصلاة قال أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن أستجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى ولا أعود إن شاء الله تعالى قال تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها قال نعم يارسول الله فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف تقرأ في الصلاة فقرأ بأم القرآن فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والذي نفسي بيده ما نزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وأنها للسبع من المثانيأو قال السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته والأحاديث في ذلك كثيرة ولا بدع فهي أم الكتاب والحاوية من دقائق الأسرار العجب العجاب حتى أن بعض الربانيين أستخرج منها الحوادث الكونية وأسماء الملوك الإسلامية وشرح أحوالهم وبيان مآلهم وبالجملة هي كنز العرفان بل اللوح المحفوظ لما يلوح في عالم الأمكان نسأل الله تعالى أن يمن علينا بإشراق أنوارها والأطلاع على مخزونات أسرارها إنه ولي التوفيق والهادي إلى معالم التحقيق
سورة البقرة
هذا هو الأسم المشهور وفي الصحيح عن إبن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة وهو معارض لما روى من منع ذلك وتعين أنيقال السورة التي يذكر فيها البقرة وكذا في سور القرآن كله ومن ثمة أجاز الجمهور ذلك من غير كراهة ويمكن أنيوفق بأنه كان مكروها في بدء الإسلام لإستهزاء الكفار ثم بعد سطوع نوره نسخ النهي عنه فشاع من غير نكير وورد في الحديث بيانا لجوازه وقد تقدم بعض الكلام على هذا وكان خالد بن معدان يسميها فسطاط القرآن وورد في حديث مرفوع في مسند الفردوس وذلك لعظمها ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها حتى قال بعض الأشياخ : إن فيها ألف أمر وألف نهى وألف خبر قيل وفيها خمسة عشر مثلا ولهذا أقام إبن عمر رضي الله تعالى عنهما ثماني سنين على تعلمها وورد في حديث المستدرك تسميتها سنام القرآن وسنام كل شيء أعلاه وكأنه لذلك أيضا وروى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : اي القرآن أفضل فقالوا الله ورسوله أعلم قال سورة البقرة ثم قال وأيها أفضل قالوا الله ورسوله أعلم قال آية الكرسي وهي مدنية وآياتها مائتان وسبع وثمانون على المشهور وقيل ست وثمانون وفيها آخر آية نزلت وهي قوله تعالى : وأتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وقد نزلت في حجة الوداع يوم النحر ولا تخرج بذلك عن كونها مدنية كما لا يخفى ووجه مناسبتها لسورة الفاتحة أن الفاتحة مشتملة على بيان الربوبية أولا والعبودية ثانيا وطلب الهداية في المقاصد الدينية والمطالب اليقينية ثالثا وكذا سورة البقرة مشتملة على بيان معرفة الرب أولا كما في يؤمنون بالغيب وأمثاله وعلى العبادات وما يتعلق بها ثانيا وعلى طلب ما يحتاج إليه في العاجل والآجل آخرا وأيضا في آخر الفاتحة طلب الهداية وفي أول البقرة إيماء إلى ذلك بقوله هدى للمتقين ولما أفتتح سبحانه الفاتحة بالأمر الظاهر وكان وراء كل ظاهر باطن أفتتح هذه السورة بما بطن سره وخفى إلا على من شاء الله تعالى أمره فقال سبحانه وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم 1 هي وسائر الألفاظ التي يتهجى بها كبا تا ثا أسماء مسمياتها الحروف المبسوطة التي ركبت منها الكلمة لصدق حد الأسم المتفق عليه وإعتوار خواصه المجمع عليها على كل منها ويحكى عن الخليل أنه سأل أصحابه كيف تنطقون في الباء من ضرب والكاف من لك فقالواباء كاف فقال إنما جئتم بالأسم لا الحرف

الصفحة 98