كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 1)
وأنا أقول به كه وما روى عن إبن مسعود رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف فالمراد به غير المصطلح إذ هو عرف جديد بل المعنى اللغوي وهو واحد حروف المباني فمعنى ألف حرف إلخ مسمى ألف وهكذا ولعله صلى الله تعالى عليه وسلم سمى ذلك حرفا بأسم مدلوله فهو معنى حقيقي له وما قيل أنه سماه حرفا مجازا لكونه أسم الحرف وإطلاق أحد المتلازمين على الآخر مجاز مشهور ليس بشيء فإن أريد من ألم مفتتح سورة الفيل يكون المراد ايضا منه مسماه وتكون الحسنات ثلاثين وفائدة النفي دفع توهم أن يكون المراد بالحرف فيمن قرأ حرفا الكلمة وإن أريد نحو ما هنا فالمراد نفسه ويكون عدد الحسنات حينئذ تسعين وفائدة الإستئناف دفع أن يراد بالحرف الجملة المستقلة كما في الإبانة لأبي نصر إبن عباس قال : آخر حرف عارض به جبريل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين والمعنى لا أقول أن مجموع الأسماء الثلاثة حرف بل مسمى كل منها حرف وإنما لم يذكر تلك الحروف من حيث أنها أجزاء بأن يقابل ألف حرف ولام حرف تنبيها على أن المعتبر في عدد الحسنات الحروف المقراة التي هي المسميات سواء كانت أجزاء لها أو لكلمات أخر لا من حيث أنها أجزاء لتلك الأسماء فيكون عدد الحسنات في نحو ضرب ثلاثين
والحاصل أن الحروف المذكورة من حيث أنها مسميات تلك الأسماء أجزاء لجميع الكلم مفردة بقراءتها ومن حيث أنهاأجزاء تلك الأسماء لا تكون مفردة إلا عند قراءة تلك الأسماء والمعتبر في عدد الحسنات الإعتبار الأول دون الثاني ذكر ذلك بعض المحققين ثمانهم راعوا في هذه التسمية لطيفة حيث جعلوا المسمى صدر كل أسم له كما قاله إبن جني وذلك ليكون تأديتها بالمسمى أول ما يقرع السمع ألا ترى أنك إذا قلت جيم فأول حروفه جيم وإذا قلت ألف فأول حروفه ألف التي نطقت بها همزة ولما لم يمكن للواضع أن يبتديء بالألف التي هي مدة ساكنة دعمها باللام قبلها متحركة ليمكن الإبتداء بها فقالوا لا كمالاكما يقوله المعلمون لام الإف فإنه خطأ وخص اللام بالدعامة لأنهم توصلوا إلى اللام بأختها في التعريف فكأنهم قصدوا ضربا من المعارضة فالألف هي أول حرف المعجم صورة الهمزة في الحقيقة ويضاهي هذا في إيداع اللفظ دلالة على المعنى البسملة والحمد له والحوقلة وتسمية النحاة وحكم أسماء الحروف سكون الأعجاز ما لم تكن معمولة وهل هي معربة أم مبنية أم لا ولا خلاف مبني على الإختلاف في تفسير المعرب والمبني فالخلاف لفظي وللناس فيما يعشقون مذاهب والبحث مستوفي في كتبنا النحوية وقد كثر الكلام في شأن أوائل السور والذي أطبق عليه الأكثر وهو مذهب سيبويه وغيره من المتقدمين أنها أسماء لها وسميت بها إشعارا بأنها كلمات معروفة التركيب فلو لم تكن وحيا من الله تعالى لم تتساقط مقدرتهم دون معارضتها وذلك كما سموا بلام والد حارثة بن لام الطائي وبصاد النحاس وبقاف الجبل وأستدل عليه بأنها لو لم تكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل والتكلم بالزنجي مع العربي ولم يكن القرآن بأسره بيانا وهدى ولما أمكن التحدي به وإن كانت مفهمة فأما أن يراد بها السور التي هي مستهلها على أنها ألقابها بناء على ذلك الأشعار أ غير ذلك والثاني باطل لأنه إما أن يكون المراد ما وضعت له في لغة العرب وظاهر أنه ليس كذلك أو غيره وهو باطل لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين
الصفحة 99
404