كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 2)

لم يصلوا إلى مقام التمكين لا طاقة لنا اليوم بمحاربة جالوت النفس وأعوانه لعراقتهم بالخدع والدسائس قال الذين يتيقنون أنهم ملاقوا الله بالرجوع إليه : كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة وقهرتها حتى أذهبت كثرتها بإذن الله وتيسيره والله مع الصابرين بالتجلي الخاص لهم فلما برزوا لحرب جالوت وجنوده تبرؤا من الحول والقوة وقالوا : ربنا أفرغ علينا صبرا وإستقامة وثبت أقدامنا في ميادين الجهاد حتى لا نرجع القهقري من بعد وأنصرنا على أعدائنا الذين ستروا الحق وهم النفس الأمارة وصفاتها فهزموهم وكسروهم بإذن الله وقتل داؤد القلب جالوت النفس ووصلوا كلهم إلى مقام التمكين فلا يخشون الرجعة والردة وكان قد رماه بحجر التسليم في مقلاع الرضا بيد ترك الإلتفات إلى السوي فأصاب ذلك دماغ هواه فخر صريعا فأتى الله تعالى داؤد ملك الخلافة وحكمة الإلهامات وعلمه مما يشاء من صنعة لبوس الحروب ومنطق طيور الواردات وتسبيح جبال الأبدان ولولا دفع الله الناس بعضهم كأرباب الطلب ببعض كالمشايخ الواصلين لفسدت أرض إستعداداتهم المخلوقة في أحسن تقويم عند إستيلاء جالوت النفس ولكن الله ذو فضل على العالمين ومن فضله تحريك سلسلة طلب الطالبين وإلهام أسرارهم إرادة المشايخ الكاملين وتوفيقهم للتمسك بذيل تربيتهم والتشبث بأهداب سيرتهم فسبحانه من جواد لا يبخل ومتفضل على من سأل ومن لم يسأل 3

الصفحة 176