كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 2)

حسبا ونسبا وأن ليس فيهم وصمة ولا عيب منفر ويعتقد أن سيدهم وخاتمهم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع والتمسك بها لازم لجميع المكلفين إلى يوم القيامة
وأتى المال على حبه حال من ضمير أتى والضمير المجرور للمالأي أعطى المال كائنا على حب المالوالتقييد لبيان أفضل أنواع الصدقة فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر وة تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا لفلان كذا إلا وقد كان لفلان وفي هذا إيذان بأن درجات الثواب تتفاوت حسب تفاوت المراتب في الحب حتى إن صدقة الفقير والبخيل أفضل من صدقة الغني والكريم إلا أن يكونا أحب للمال منهما ويؤيد ذلك قوله عليه الصلاة و السلام : افضل الأعمال أحمزها وجوز رجوع الضمير لله تعالى أو للمصدر المفهوم من الفعل والتقييد حينئذ للتكميل وبيان إعتبار الإخلاص أو طيب النفس في الصدقة ودفع كون إيتاء المال مطلقا برا والأول هو المأثور عن السلف الصالح ولعله المروي عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذوي القربى مفعول أول ل آتى قدم عليه مفعوله الثاني للإهتمام أو لأن فيه مع ما عطف عليه طولا لو روعي الترتيب لفات تجاوب الأطراف وهو الذي أقتضى تقديم الحال أيضا وقيل : هو المفعول الثاني والمراد ب ذوي القربى ذو قرابة المعطى لكن المحاويج منهم لا مطلقا لدلالة سوق الكلام وعد مصارف الزكاة على أن المراد الخير والصدقةوإيتاءالأغنياء هبة لا صدقة وقدم هذا الصنف لأن إيتاءهم أهم فقد صح عن أم كلثوم بنت عقبة قالت : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح وأخرج أحمد والترمذي وغيرهما عن سلمان إبن عامر قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم إثنتان صدقة وصلة واليتامى
عطف على ذوي القربى وقيل على القربى إذ لا يصح إيصال المال إلى من لا يعقل فالمعطي حينئذ كافلهم لأجلهم وفيه ما لا يخفى
والمسكين
جمع مسكين وهو الدائم السكون لما أن الحاجة أسكنته بحيث لا حراك به أو دائم السكون والإلتجاء إلى الناس وتخصيصه بمن لا شيء له أو بمن لا يملك ما يقع موقعا من حاجته خارج عن مفهومه
وإبن السبيل
أي المسافر كما قاله مجاهد وسمى بذلك لملازمته الطريق في السفر أو لأن الطريق تبرزه فكأنها ولدته وكأن إفرداه لإنفراده عن أحبابه ووطنه وأصحابه فهو أبدا يتوق إلى الجمع ويشتاق إلى الربع والكريم يحن إلى وطنه حنين الشارف إلى عطنه أو لأنه لما لم يكن بين أبناء السبيل والمعطى تعارف غالبا يهون أمر الإعطاء ويرغب فيه أفردهم ليهون أمر إعطائهم وليشير إلى أنهم وإن كانوا جمعا ينبغي أن يعتبروا كنفس واحدة فلا يضجر من إعطائهم لعدم معرفتهم وبعد منفعتهم فليفهم وروى عن إبن عباس وقتادة وإبن جبير أنه الضيف الذي ينزل بالمسلمين والسائلين
أي الطالبين للطعام سواء كانوا أغنياء إلا أن ما عندهم لا يكفي لحاجتهم أو فقراى كما يدل عليه ظاهر ما أخرجه الإمام أحمد وأبو داؤد وإبن أبي حاتم عن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : للسائل حق وإن جاء على فرس فإن الجائي على فرس يكون في الغالب غنيا وقيل : أراد المساكين

الصفحة 46