كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 2)

إما في وقت الجعل أو في وقت التحويل وما كان لعارض يزول بزواله وقيل : المراد ب القبلة الكعبة بناءا على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يصلي إليها بمكة والمعنى ما رددناك إلا لنعلم الثابت الذي لا يزيغه شبهة ولا يعتريه إضطرابا ممن يرتد بقلقلة وإضطاراب بسبب التحويل بأنه إن كان الأول حقا فلا وجه للتحويل عنه وإن كان الثاني فلا معنى للأمر بالأولوالجعلعلى هذا حقيقة و يتبع للإستمرار بقرينة مقابله ويضعف هذا القول أنه يستلزم دعوى نسخ القبلة مرتين وأستشكلت الآية بأنها تشعر بحدوث العلمفي المستقبل وهو تعالى لم يزل عالما وأجيب بوجوه الأول أن ذلك على سبيل التمثيل أي فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم الثاني أن المرادالعلم الحالي الذي يدور عليه فلك الجزاء أي ليتعلق علمنا به موجودا بالفعل فالعلم مقيد بالحادث والحدوث راجع إلى القيد الثالث أن المراد ليعلم الرسول والمؤمنون ويجوز في إسناد فعل بعض خواص الملك إليه تنبيها على كرامة القرب والإختصاص فهو كقول الملك : فتحنا البلد وإنما فتحها جنده الرابع أنه ضمن العلم معنى التمييز أو أريد به التمييز في الخارج وتجوز بإطلاق أسم السبب على المسبب ويؤيده تعديه ب من كالتمييز وبه فسره إبن عباس رضي الله تعالى عنهما ويشهد له قراءة ليعلم على البناء للمفعول حيث إن المراد ليعلم كل من يأتي منه العلم وظاهر أنه فرع تمييز الله وتفريقه بينهما في الخارج بحيث لا يخفى على أحد الخامس أن المراد به الجزاء أي لنجازي الطائع والعاصي وكثيرا ما يقع التهديد في القرآن بالعلم السادس أن نعلم للمتكلم مع الغير فالمراد ليشترك العلمبيني وبين الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين ويرد على هذا أن مخالفته مع جعلنا آب عنه مع أن تشريك الله تعالى مع غيره في ضمير واحد غير مناسب ثم العلم إن كان مجازا عن التمييز فمن وممن مفعولاه بواسطة وبلا واسطة وإن كان حقيقة فأما أن يكون من الإدراك المعدي إلى مفعول واحد فمن موصولة في موضع نصب به و ممن حال أي متميزا ممن أو من العلم المعدي إلى مفعولين ف من إستفهامية في موضع المبتدأ و يتبع في موضع الخبر والجملة في موضع المفعولين ممن ينقلب حال من فاعل يتبع وبهذا يندفع قول أبي البقاء : إنه لا يجوز أن تكون من إستفهامية لأنه لا يبقى لقوله تعالى : ممن ينقلب متعلق لأن ما قبل الإستفهام لا يعمل فيما بعده ولا معنى لتعلقه ب يتبع والكلام دال على هذا التقدير فلا يراد أنه لا قرينة عليهثم إن جملة وما جعلنا إلخ معطوفة كالجملتين التاليتين لها على مجموع السؤال والجواب بيان لحكمة التحويل وقيل : معطوفة على لله المشرق والمغرب ويحتاج إلى أن يقال حينئذ : إنه مأمور بأداء مضمون هذا الكلام بألفاظه إذ لايصح ضمير المتكلم في كلامه عليه الصلاة و السلام وفيه بعد ما كما لا يخفى وإن كانت لكبيرة أي شاقة ثقيلة والضمير لما دل عليه قوله تعالى : وما جعلنا إلخ من الجعلة أو التولية أو الردة أو التحويلة أو الصيرورة أو المتابعة أو القبلة وفائدة إعتبار التأنيث على بعض الوجوه الدلالة على أن هذا الرد والتحويل بوقوعه مرة واحدة وإختصاصه بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم كانت ثقيلة عليهم حيث لم يعهدوه سابقا والقول بأن تأنيث كبيرة يجعله صفة حادثة وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر فيرجع إلىالجعلأو الرد أو التحويل بدون تكلف تكلف عري عن الفائدة وإن هي المخففة من الثقيلة المفيدة لتأكيد الحكم ألغيت عن العمل فيما بعدها بتوسط كان

الصفحة 6