كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 3)

بسم الله الرحمن الرحيم تلك الرسل استئناف مشعر بالترقى كأنه قيل : إنك لمن المرسلين وأفضلهم فضلا والإشارة لجماعة الرسل الذين منهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وما فيه من معنى البعد كما قيل للايذان بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم واللام للاستغراق ويجوز أن تكون للجماعة المعلومة له صلى الله عليه و سلم أو المذكورة قصصها في السورة واللام للعهد واختيار جمع التكسير لقرب جمع التصحيح فضلنا بعضهم على بعض بأن خصصنا بعضهم بمنقبة ليست تلك المنقبة للبعض الآخر وقيل : المراد التفضيل بالشرائع فمنهم من شرع ومنهم من لم يشرع وقيل : هو تفضيل بالدرجات الاخروية ولا يخفى ما في كل ويؤيد الأول قوله تعالى : منهم من كلم الله فإنه تفصيل للتفضيل المذكور إجمالا والجملة لامحل لها من الإعراب وقيل : بدل من فضلنا والمراد بالموصول إمل موسى عليه السلام فالتعريف عهدى أو كل من كلنة الله تعالى عن رضا بلا واسطة وهم آدم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة وموسى وهو الشهير بذلك ونبينا صلى الله عليه و سلم وهو المخصوص بمقام قاب والفائز بعرائس خطاب ما تعرض بالتعريض لها الخطاب وقرئ كلم الله بالنصب وقرأ اليماني كالم الله من المكالمة قيل : وفي إيراد الاسم الجليل بطريق الالتفات تربية للمهابة ورمز إلى ما بين التكلم والرفع وبين ما سبق من مطلق التفضيل وما لحق من إيتاء البينات والتأييد بروح القدس من التفاوت ورفع بعضهم درجت أي ومنهم من رفعه الله تعالى على غيره من المرسلين بمراتب متباعدة ومن وجوه متعددة وتغيير الاسلوب لتربية ما بينهم من اختلاف الحال في درجات الشرف والمراد ببعضهم هنا النبي صلى الله عليه و سلم كما ينبئ عنه الاخبار بكونه صلى الله عليه و سلم منهم فإنه قد خص بمزايا تقف دونها الامانى حسرى وامتاز بخواص علمية وعملية لايستطيع لسان الدهر لها حصرا ورقى أعلام فضل رفعت له على كواهله الاعلام وطأطأت له رءوس شرفات الشرف فقبلت منه الاقدام فهو المبعوث رحمه للعالمين والمنعوت بالخلق العظيم بين المرسلين والمنزل عليه قرآن مجيد لايأيته الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد والمؤيد دينه المؤبد بالمعجزات المستمرة الباهرة والفائز بالمقام المحمود والشفاعة العظمى في الآخرة والابهام لتفخيم شأنه وللاشعار بأنه العلم الفرد الغنى عن التعيين وقيل : المراد يه إبراهيم حيث خصه الله تعالى بمقام الخلة التي هي أعلا المراتب ولا يخفى ما فيه وقيل : إدريس لقوله تعالى : ورفعناه مكانا عليا وقيل : أولو العزم من الرسل وفيه كما في الكشف أنه لا يلائم ذوق المقام الذي فيه الكلام ألبتة وكذا الكلام عندى في سابقه إذ الرفعة عليه حقيقة والمقام يقتضى المجاز كما لا يخفى

الصفحة 2