كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 4)

خلق النار التي يعذب بها وليس في الآية أن الله تعالى يدخلهم فيها البتة وكونه تعالى يدخل من مات كافرا فيها معلوم من غير هذه الآية ويحتمل أيضا أن يكون المراد أعتدنا لهم عذابا أليما إن لم نعف كما تدل على ذلك النصوص ويروى عن الربيع أن الآية منسوخة بقوله تعالى : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
وأعترض بأن أعتدنا خبر ولا نسخ في الأخبار وقيل : إن أولئك إشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فلا إشكال كما لو جعل إشارة إلى الفريقين وأريد بالأول المنافقون وبالثاني المشركون
ياأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها لما نهى الله سبحانه فيما تقدم عن عادات أهل الجاهلية في أمر اليتامى والأموال عقبه بالنهي عن الإستنان بنوع من سننهم في النساء أنفسهن أو أموالهن فقد أخرج إبن جرير وإبن أبي حاتم من طريق على عن إبن عباس قال : كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها وفي رواية البخاري وأبي داؤد كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بأمراته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاؤا زوجوها وإن شاؤا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية في ذلك وأخرج إبن المنذر عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في كبيشة إبنة معن بن عاصم من الأوس كانت عند أبي قيس بن الأسلت فتوفي عنها فجنح عليها إبنه فجاءت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقالت : لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأنكح فنزلت وروى مثله عن أبي جعفر وأخرج إبن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال : كان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث أمرأته من يرث ماله فكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد فنهى الله تعالى المؤمنين عن ذلك
وروى عن الزهري أنها نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده لا حاجة له بها وينتظر موتها حتى يرثها فالنساء إما مفعول ثانلترثواعلى أن يكن هن الموروثات وكرها مصدر منصوب على أنه حال من النساء وقيل : من ضمير ترثوا والمعنى لا يحل لكم ان تأخذوا نساء موتاكم بطريق الإرث على زعمكم كما حل لكم أخذ الأموال وهن كارهات لذلك أو مكرهات عليه أو أنتم مكروهون لهن وإما مفعول أول له والمعنى لا يحل لكم أن تأخذوا من النساء المال بطريق الإرث كرها والمراد من ذلك أمر الزوج أن يطلق من كره صحبتها ولا يمسكها كرها حتى تموت فيرث منها مالها و قرأ حمزة والكسائي كرها بالضم في مواضعه ووافقهما عاصم وإبن عامر ويعقوب في الأحقاف وقرأ الباقون بالفتح في جميع ذلك وهما بمعنى كالضعف والضعف وقيل : الكره بالضم الإكراه وبالفتح الكراهية وقريءلا تحلبالتاء الفوقانية لأن أن ترثوا بمعنى الوراثة كما قريء لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا لأنه بمعنى المقالة وهذا عكس تذكير المصدر المؤنث لتأويله بأن والفعل فكل منهما جار في اللسان الفصيح ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ماء أتيتموهن أصل العضل التضييق والحبس ومنه عضلت المرأة بولدها عسر عليها كأعضلت فهي معضل ومعضل ويقال : عضل المرأة يعضلها مثلثة عضلا وعضلا وعضلانا بكسرهما وعضلها منعها الزوج ظلما وعضلت الأرض بأهلها غصت قال أوس : ترى الأرض منا بالفضاء مريضة معضلة منا بجيش عرمرم

الصفحة 241