كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 5)

إذ زنى لا رجم عليه ثم فرع سبحانه على حال النكاح قوله عز من قائل : فإذا استمتعتم وهو يدل على أن المراد بالاستمتاع هو الوطء والدخول لا الاستمتاع بمعنى المتعة التي يقول بها الشيعة والقراءة التي ينقلونها عمن تقدم من الصحابة شاذة
وما دل على التحريم كآية إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم قطعي فلا تعارضه على أن الدليلين إذا تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة منهما وليس للشيعة أن يقولوا : إن المرأة المتمتع بها مملوكة لبداهة بطلانه أو زوجة لانتفاء جميع لوازم الزوجية كالميراث والعدة والطلاق والنفقة فيها وقد صرح بذلك علماؤهم
وروى ابو نصير منهم في صحيحه عن الصادق رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن امرأة المتعة أهي من الأربع قال : لا ولا من السبعين وهو صريح في أنها ليست زوجة وإلا لكانت محسوبة في الأربع وبالجملة الاستدلال بهذه الآية على حل المتعة ليس بشئ كما لا يخفى ولا خلاف الآن بين الأئمة وعلماء الأمصار إلا الشيعة في عدم جوازها ونقل الحل عن مالك رحمه الله تعالى غلط لا أصل له بل في حد المتمتع روايتان عنه ومذهب الأكثرين أنه لا يحد لشبهة العقد وشبهة الخلاف ومأخذ الخلاف على ما قال النووي : اختلاف الأصوليين في أن الإجماع بعد الخلاف هل يرفع الخلاف وتصير المسألة مجمعا عليها فبعض قال : لا يرفعه بل يدوم الخلاف ولا تصير المسألة بعد ذلك مجمعا عليها أبدا وبه قال القاضي أبو بكر الباقلاني وقال آخرون : بأن الإجماع اللاحق يرفع الخلاف السابق وتمامه في الأصول وحكى بعضهم عن زفر أنه قال : من نكح نكاح متعة تأبد نكاحه ويكون ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح وهي ملغية فيها والمشهور في كتب أصحابنا أنه قال ذلك في النكاح المؤقت وفي كونه عين نكاح المتعة بحث فقد قال بعضهم باشتراط الشهود في المؤقت وعدمه في المتعة ولفظ التزويج أو النكاح في الأول وأستمتع أو أتمتع في الثاني وقال آخرون : النكاح المؤقت من أفراد المتعة وذكر ابن الهمام أن النكاح لاينعقد بلفظ المتعة وإن قصد به النكاح الصحيح المؤبد وحضر الشهود لأنه لا يصلح مجازا عن معنى النكاح كما بينه في المبسوط بقي ما لو نكح مطلقا ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها فهل يكون ذلك نكاحا صحيحا حلاليا أم لا الجمهور على الأول بل حكى القاضي الإجماع عليه وشذ الأوزاعي فقال : هو نكاح متعة ولا خير فيه فينبغي عدم نية ذلك إن الله كان عليما بما يصلح أمر الخلق حكيما
24
- فيما شرع لهم ومن ذلك عقد النكاح الذي يحفظ الأموال والأنساب ومن لم يستطع منكم من إما شرطية وما بعدها شرطها وإما موصولة وما بعدها صلتها و منكم حال من الضمير في يستطع وقوله سبحانه : طولا مفعول به ليستطع وجعله مفعولا لأجله على حذف مضاف أي لعدم طول تطويل بلا طول
والمراد به الغنى والسعة وبذلك فسره ابن عباس ومجاهد وأصله الفضل والزيادة ومنه الطائل وفسره بعضهم بالاعتلاء والنيل فهو من قولهم : طلته أي نلته ومنه قول الفرزدق : إن الفرزدق صخرة ملمومة طالت فليس تنالها الأوعالا قوله عز و جل : أن ينكح المحصنت المؤمنت أي الحرائر بدليل مقابلتهن بالمملوكات وعبر عنهن بذلك لأن حريتهن أحصنتهن عن نقص الإماء إما أن يكون متعلقا بطولا على معنى ومن لم يستطع أن ينال نكاح المحصنات وإما أن يكون بتقدير إلى أو اللام والجار في موضع الصفة لطولا أي ومن

الصفحة 7