كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 7)

أعجبنيأعجبني قرى الأضياف قراهم من أحسن ما وجد وما إما مصدرية وإما موصولة اسمية والعائد محذوف أي من اوسط الذي تطعمون
وجوز ابو البقاء تقديره مجرورا بمن أي تطعمون منه ونظر فيه السمين بأن من شرط العائد المحذوف المجرور بالحرف أن يكون مجرورا بمثل ما جر به الموصول لفظا ومعنى ومتعلقا والحرفان هنا وإن اتفقا من وجه إلا أن المتعلق مختلف لأن من الثانية متعلقة بتطعمون والأولى ليست متعلقة بذلك ثم قال : فإن قلت الموصول غير مجرور بالاضافة فالجواب أن المضاف إلى الموصول كالموصول في ذل أه وقد قدمنا انفا نحو هذا النظر وأجاب بعضهم عن ذلك بأن الحذف تدريجي ولايخفى أن فيه تطويلا للمسافة والأهلون جمع أهل على خلاف القياس كأرض وأرضون إذ شرط هذا الجمع أن يكون علما أو صفة وأهل اسم جامد قيل : والذي سوغه أنه استعمل كثيرا بمعنى مستحق فأشبه الصفة وروي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قرأ أهاليكم بسكون الياء على لغة من يسكنها في الحالات الثلاث كالألف وهو أيضا جمع أهل على خلاف القياس كليال في جمع ليلة
وقال ابن جني : واحدهما ليلاة وأهلاة وهو محتمل كما قيل لأن يكون مراده أن لهما مفردا مقدرا هو ما ذكره ولان يكون مراده ان لهما مفردا محققا مسموعا من العرب هو ذاك وقيل : إن أهالي جمع أهلون وليس بشيء أو كسوتهم عطف كما قال ابو البقاء على إطعام واستظهره غير واحد واختار الزمخشري أنه عطف على محل من أوسط ووجهه فيما نسب إليه بأن من أوسط بدل من الاطعام والبدل هو المقصود ولذلك كان المبدل منه في حكم المنحى فكأنه قيل : فكفارته من أوسط ما تطعمون ووجه صاحب التقريب عدوله عن الظاهر بأن الكسوة اسم لنحو الثوب لا مصدرا فقد قال الراغب : الكساء والكسوة اللباس فلا يليق عطفه على المصدر السابق مع أن كليهما فيما يتعلق بالمساكين وبأنه يؤدي إلى ترك ذكر كيفية الكسوة وهو كونها أوسط ثم قال : ويمكن أن يجاب عن الأول بان الكسوة إما مصدر كما يشعر به كلام الزجاج أو يضمر مصدر كالالباس وعن الثاني بأن يقدر او كسوتهم من اوسط ما تكسون وحذف ذلك لقرينة ذكره في المعطوف عليه أو بأن تترك على اطلاقها إم بارادة اطلاقها أو باحالة بيانها على الغير وأيضا العطف على محل من أوسط لايفيد هذا المقصود وهو تقدير الأوسط في الكسوة فالالزام مشترك ويؤدي إلى صحة إقامته مقام المعطوف عليه وهو غير سديد اه
واعترض بعض المحققين على ما نسب إلى الزمخشري أيضا بأن العطف على البدل يستدعي كون المعطوف بدلا أيضا وإبدال الكسوة من اطعام لا يكون إلا غلطا لعدم المناسبة بينهما أصلا وبدل الغلط لايقع في الفصيح فضلا عن افصح الأفصح ومنع عدم الوقوع مما لا يلتفت إليه وجعل غير واحد هذا العطف من باب
علفتها تبنا وماء باردا
كانه قيل إطعام هو اوسط ما تطعمون أو الباس هو كسوتهم على معنى اطعام هو اطعام الأوسط والباس هو الباس الكسوة وفيه ابهام وتفسير في الموضعين
واعترض بأن العطف على هذا يكون على المبدل منه لا البدل وأجيب بأن المراد أنه بالنظر إلى ظاهر اللفظ عطف على البدل وهو كما ترى واعترض الشهاب على دعوى أن الداعي للزمخشري عن العدول إلى

الصفحة 12