كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 8)

الصلاةالصلاة والسلام باعتبار انفهام ذلك مما تقدم وأمر الأفراد سهل وقيل : انه عائد إلى ما ذكر من معاداة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإيحاء الزخارف أعم من أن تكون في أمره صلى الله عليه و سلم وأمور أخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفيه أن فوله تعالى : فذرهم وما يفترون
211
- كالصريح في أن المراد بهم الكفرة المعاصرون له عليه الصلاة و السلام وقيل : هو عائد على الايحاء أو الزخرف أو الغرور وفي أخذ ذلك عاما أو خاصا احتمالان لا يخفى الأولى منهما ومفعول المشيئة محذؤف أي عدم ما ذكر ولا اشكال في جعل العدم الخاص متعلق بالمشيئة وقدره بعضهم إيمانهم
واعترض بأن القاعدة المستمرة أن مفعول المشيئة عند وقوعها شرطا يكون مضمون الجزاء كما في علم المعاني وهو هنا ما فعلوه وتعقب بأنه ههنا ذكر المشيئة فيما تقدم متعلقا بشيء وهو الايمان كما أشير اليه ثم ذكر في حيز الشرط بدون متعلق فالظاهر أنه يجوز أن يقدر متعلقة مضمون الجزاء وان يقدر ما علق به فعل المشيئة سابقا ولا بأس بمراعاة كل من الأمرين بحسب ما يقتضيه الحال والمذكور في المعاني إنما هو فيما لم يتكرر فيه فعل المشيئة ولم يكن قرينة غير الجزاء فليعرف ذلك فانه بديع والأولى عندي اعتبار مضمون الجزاء مطلقا وإنما قال سبحانه هنا ولو شاء ربك ما فعلوه وفيما يأتي ولو شاء الله ما فعلوه فغاير بين الأسمين في المحلين لما ذكر بعضهم وهو أن ما قبل هذه الآية من عداوتهم له عليه الصلاة و السلام كسائر الأنبياء عليه الصلاة و السلام التي لو شاء منعهم عنها فلا يصلون إلى المضرة أصلا يقتضي ذكره جل شأنه بهذا العنوان إشارة إلى أنه مربيه صلى الله عليه و سلم في كنف حمايته وإنما لم يفعل سبحانه ذلك لأمر اقتضته حكمته وأما الآية الأخرى فذكر قبلها اشراكهم فناسب ذكره عز أسمه بعنوان الألوهية التي تقتضي عدم الاشتراك فكأنه قيل ههنا : إذا كان ما فعلوه من أحكام عداوتك من فنون المفاسد بمشيئة ربك جل شأنه الذي لم تزل في كنف حمايته وظل تربيته فاتركهم وافتراءهم أو وما يفترونه من أنواع المكايد ولا تبال به فان لهم في ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة لابتناء مشيئته سبحانه على الحكم البالغة البتة
ولتصغى إليه أي إلى رخرف القول وقيل : الضمير للوحي أو للغرور أو للعداوة لأنها بمعنى العادي والواو للعطف وما بعدها عطف على غرورا بناء على أنه مفعول له فيكون علة أخرى للايحاء وما في البين اعتراض وإنما لم ينصب لفقد شرط النصب إد الغرور فعل الموحيى وصغو الأفئدة فعل الموحي اليه وهو على الوجهين الأخيرين علة لفعل محذوف يدور عليه المقام أي وليكون ذلك جعلنا ما جعلنا وأصل الصغو كما قال الراغب الميل يقال : صغت الشمس والنجوم صغوا مالت للغروب وصغت الأناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعي نحوه وحكى صغوت اليه أصغو وأصغي صغوا وصغيا وقيل : صغيت أصغي وأصغيت أصغي وفي القاموس صغا يصغو ويصغي صغوا وصغى يصغي صغا وصغيا مال وذكر بعض الفضلاء أن هذا الفعل مما جاء وأويا ويائا فقيل : يصغوا ويصغي ويقال : في مصدره صغيا بالفتح والكسر وزاد الفراء صغيا وصغوا بالياء والواو مشددتين ويقال : أن أصغي مثله
والمراد هنا ولتميل اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة أي على الوجه الواجب وخص عدم إيمانهم بها دون ما عداها من الأمور التي يجب الايمان بها وهم بها كافرون قال مولانا شيخ الاسلام اشعارا

الصفحة 6