كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 10)

ومصالح المسلمين ويبدأون إستحبابا كما نقل التتائي عن السنباطي بالصرف على غيرهم وذكر أنهم بنو هاشم وأنهم يوفر نصيبهم لمنعهم من الزكاة حسبما يرى من قلة المال وكثرته وكان عمر بن عبدالعزيز يخص ولد فاطمة رضي الله تعالى عنها كل عام اثني عشر ألف دينار سوى ما يعطى غيرهم من ذوي القربى وقيل : يساوى بين الغني والفقير وهو فعل أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يعطي حسب ما يراه وقيل : يخير لأن فعل كل من الشيخين حجة
وقال عبدالوهاب : إن الإمام يبدأ بنفقته ونفقة عياله بغير تقدير وظاهر كلام الجمهور أنه لا يبدأ بذلك وبه قال ابن عبدالحكم والمراد بذكر الله سبحانه عند هذا الإمام أن الخمس يصرف في وجوه القربات لله تعالى والمذكور بعد ليس للتخصيص بل لتفضيله على غيره ولا يرفع حكم العموم الأول بل هو قار على حاله وذلك كالعموم الثابت للملائكة وإن خص جبريل وميكائيل عليهما السلام بعد ومذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه في قسمة الغنيمة أن يقدم من أصل المال السلب ثم يخرج منه حيث لا متطوع مؤنة الحفظ والنقل وغيرهما من المؤن اللازمة للحاجة إليها ثم يخمس الباقي فيجعل خمسة أقسام متساوية ويكتب على رقعة لله تعالى أو للمصالح وعلى رقعة للغانمين وتدرج في بنادق فما خرج لله تعالى قسم على خمس مصالح المسلمين كالثغور والمشتغلين بعلوم الشرع وآلاتها ولو مبتدين والأئمة والمؤذنين ولو أغنياء وسائر من يشتغل عن نحو كسبه بمصالح المسلمين لعموم نفعهم وألحق بهم العاجزين عن الكسب والعطاء إلى رأي الإمام معتبرا سعة المال وضيقه وهذا هو السهم الذي كان لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في حياته وكان ينفق منه على نفسه وعياله ويدخر منه مؤنة سنة ويصرف الباقي في المصالح وهل كان عليه الصلاة و السلام مع هذا التصرف مالكا لدلك أو غير مالك قولان ذهب إلى الثاني الإمام الرافعي وسبقه إليه جمع متقدمون قال : إنه عليه الصلاة و السلام مع تصرفه في الخمس المذكور لم يكن يملكه ولا ينتقل منه إلى غيره إرثاورد بأن الصواب المنصوص أنه كان يملكه وقد غلط الشيخ أبو حامد من قال : لم يكن صلى الله تعالى عليه وسلم يملك شيئا وإن أبيح له ما يحتاج إليه وقد يؤول كلام الرافعي بأنه لم ينف الملك المطلق بل الملك المقتضي للإرث عنه
ويؤيد ذلك إقتضاء كلامه في الخصائص أنه يملك وبنو هاشم والمطلب والعبرة بالإنتساب للآباء دون الأمهات ويشترك فيه الغني والفقير لإطلاق الآية وإعطائه عليه الصلاة و السلام العباس وكان غنيا والنساء ويفضل الذكر كالإرث واليتامى ولا يمنع وجود جد ويدخل فيهم ولد الزنا والمنفي لا اللقيط على الأوجه ويشترط فقره على المشهور ولا بد في ثبوت اليتم والإسلام والفقر هنا من البينة وكذا في الهاشمي والمطلبي واشترط جمع فيهما معها إستفاضة النسبة والمساكين وابن السبيل ولو بقولهم بلا يمين نعم يظهر في مدعى تلف مال له عرف أو عيال أنه يكلف بينة ويشترط الإسلام في الكل والفقر في ابن السبيل أيضا وتمامه في كتبهم
وتعلق أبو العالية بظاهر الآية الكريمة فقال : يقسم ستة أسهم ويصرف سهم الله تعالى لمصالح الكعبة أي إن كانت قريبة وإلا فإلى مسجد كل بلدة وقع فيها الخمس كما قال ابن الهمام : وقد روى أبو داود في المراسيل وابن جرير عنه أنه عليه الصلاة و السلام كان يأخذ منه قبضة فيجعلها لمصالح الكعبة ثم يقسم ما بقي خمسة أسهم ومذهب الإمامية أنه يقسم إلى ستة أسهم أيضا كمذهب أبي العالية إلا أنهم قالوا : إن سهم الله تعالى وسهم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وسهم ذوي القربى للإمام القائم مقام الرسول عليه الصلاة

الصفحة 4