كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 14)

العامل لا لازم النصب بالفعل الذي بعد أو بعامل محذوف خلافا للزجاج ومتابعيه في قولهم : بذلك لما يلزم عليه من تعدي الفعل المتعدي بنفسه إلى مفعوله بالواسطة وهو لا يحتاج إليها فيعطف على محله كما يعطف على لفظه كقوله
وسن كسنيق سناء وسنما ذعرت بمدلاح الهجير نهوض وأنها تتعلق كسائر حروف الجر وقال الرماني وابن طاهر لا تتعلق كالحرف الزائدة وإن التعلق بالعامل الذي يكون خبرا لمجرورها أو عاملا في موضعه أو مفسرا له قاله أبو حيان وقال ابن هشام : قول الجمهور أنها معدية للعامل إن أرادوا المذكور فخطأ إنه يتعدى بنفسه أو محذوفا يقدر بحصل ونحوه كما صرح به جماعة ففيه تقدير ما معنى الكلام مستغنى عنه ولم يلفظ به في وقت ثم على التعليق قال لكذة : حذفه لحن والخليل وسيبويه نادر كقوله : ودوية قفر تمشي نعامها كمشي النصارى في خفاف اليرندج أي قطعتها ويرد لكذة هذا وقولهم : رب رجل قائم ورب ابنة خير من ابن وقوله : ألا رب من تغتشه لك ناصح وموتمن بالغيب غير أمين والفارسي والجزولي كثير وبه جزم ابن الحاجب ورابعها واجب كما نقله صاحب البسيط عن بعضهم وخامسها ونقل عن ابن أبي الربيع يجب حذفه إن قامت الصفة مقامه وإلا جاز الأمران سواء كان دليل أم لا ويجب عند المبرد والفارسي وابن عصفور وهو المشهور كما قال أبو حيان : ورأى الأكثرين كونه ماضيا معنى وقال ابن السراج : يأتي حالا وابن مالك يأتي مستقبلا واختاره في البحر إلا أنه قال بقتله وكثرة وقوع الماضي وأنشد له قول سليم القشيري : ومعتصم بالجبن من خشية الردى سيردى وغاز مشفق سيؤب وقول هند : يا رب قائلة غدا يالهف أم معاوية وجعل كابن مالك الآية من ذلك وتأولها الأكثرون بأنه وضع فيها المضارع موضع الماضي على حد ونفخ في الصور وتعقبه ابن هشام بأن فيه تكلفا لاقتضائه أن الفعل المستقبل عبر به عن ماض متجوز به عن المستقبل وأجاب الشمني بأنه لا تكلف فيه لأنهم قالوا : إن هذه الحالة المستقبلة جعلت بمنزلة الماضي المتحقق فاستعار معها ربما المختصة بالماضي وعدل إلى لفظ المضارع لأنه كلام من لا خلف في أخباره فالمضارع عنده بمنزلة الماضي فهو مستقبل في التحقيق ماض بحسب التاويل وهو كما ترى وعن أبي حيان أنه أجاب عن بيت هند بأنه من باب الوصف بالمستقبل لا من باب تعلق رب بما بعدها وهو نظير قولك رب مسيء اليوم يحسن غدا أي رب رجل يوصف بهذا الوصف وتأول الكوفيون كما في المطول الآية بأنها بتقدير كان أي ربما كان يود الذين كفروا فحذف لكثرة استعمال كان بعد ربما وضعف ذلك أبو حيان بأن هذا ليس من مواضع إضمار كان وفي جمع الجوامع وشرحه أن ما تزاد بعد رب فالغالب الكف وإيلائها حينئذ الفعل الماضي لأن

الصفحة 6