كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 18)

دخول الجنب والحائض والنفساء ولو على وجه العبور وقد قالوا بتحريم ذلك وإدخال بحاسة فيها يخاف منها التلويث ولذا قالوا : ينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد ومنع إدخال الميت فيها ومنع إدخال الصبيان والمجانين وهو حرام حيث غلب تنجيسهم وإلا فهو مكروه وقد جاء الأمر بتجنيبهم عن المساجد مطلقا
أخرج ابن ماجة عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع ومنع إشاد الضالة وإنشاد الأشعار فقد أخرج الطبراني وابن السني وابن منده عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا فض الله تعالى فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا : لا وجدتها ثلاث مرات الحديث وينبغي أن يقيد المنع من إنشاد الشعر بما إذا كان فيه شيء مذموم كهجو المسلم وصفة الخمر وذكر النساء والمردان وغير ذلك مما هو مذموم شرعا وأما إذا كان مشتملا على مدح النبوة والإسلام أو كان مشتملا على حكمة أو باعثا على مكارم الأخلاق والزهد ونحو ذلك من أنواع الخير فلا بأس بإنشاده فيها ومنع إلقاء القملة فيه بعد قتلها وهو مكروه تنزيها على ما صرح به بعض المتأخرين ويندب أن لا تلقى حية في المسجد فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها ومنع البول فيها ولو في إناء وقد صرحوا بحرمة ذلك وفي الأشباه وأما الفصد في المسجد في إناء فلم أره وينبغي أن لا فرق أي لأن كلا من البول والدم نجس مغلظ ومنع إلقاء البصاق فيها
وفي البدائع يكره التوضيء في المسجد لأنه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى في قبلة المسجد نخامة فقام إليها فحكها بيده الشريفة صلى الله عليه و سلم ثم دعا بخلوق فلطخ مكانها فقال الشعبي : هو سنة وذكروا أن القاء النخامة فوق الحصير أخف من وضعها تحته فإن اضطر إليه دفنها وفي حديث أخرجه ابن أبي شيبة عن أنس مرفوعا التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه وروي الطبراني في الأوسط عن ابن عباس مرفوعا أيضا نحوه ومنع الوطء فيها وفوقها كالتخلي وصرحوا بحرمة ذلك ومنع دخول من أكل ذا رائحة كريهة فيها كالثوم والبصل والكراث وأكل الفجل إذا تجشا كذلك وقد كان الرجل في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إذا وجد منه ريح الثوم يؤخذ بيده ويخرج إلى البقيع والظاهر أن الأبخر أو من به صنان مستحكم حكمه حكم أكل الثوم والبصل وكذا حكم من رائحة ثيابه كريهة كثياب الزياتين والدباغين وعن مالك أن الزياتين يتأخرون ولا يتقدمون أي إلى الوصف الأول ويقعدون في أخريات الناس ومنع الثوم والأكل فيها لغير معتكف ومنع الجلوس فيها للمصيبة أو للتحدث بكلام الدنيا ومنع اتخاذها طريقا وهو مكروه أو حرام وقد جار النهي عن ذلك في حديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أن اتخاذها طريقا من أشراط الساعة وفي القنية معتاد ذلك يأثم ويفسق نعم إن كان هناك عذر لم يكره المرور ومن تعظيمها رشها وقمها فقد أخرج ابن أبي شيبة عن زيد

الصفحة 175