كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)
خمسمائةخمسمائة عام ونزول الرب جل وعلا من المتشابه وكذا قوله : وحوله الكروبيون واهل التأويل يقولون : المراد بذلك نزول الحكم والقضاء فكأنه قيل : ثم ينزل حكم الرب وجوله الكروبيون أي معه وأما نزول الملائكة مع كثرتهم وعظم أجسامهم فلا يمنع عنه ما يشاهد من صغر الأرض لأن الأرض يومئذ تمتد بحيث تسع أهلها وأهل السموات أجمعين وسبحان من لايعجزه شيء ثم الخبر ظاهر في أن الملائكة عليهم السلام لاينزلون في الغمام وذكر بعضهم في الآية أن السماء تنفتح بغمام يخرج منها وفي الغمام الملائكة ينزلون وفي أيديهم صحائف الأعمال وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء ونزل ماضيا مبنيا للفاعل مشددا وعنه أيضا وأنزل مبنيا للفاعل وجاء مصدره تنزيلا وقياسه إنزالا إلا أنه لما كان معنى أنزل ونزل واحدا جاء مصدر أحدهما للآخر كما قال الشاعر :
حتى تطويت انطواء الخصب
: انه قال : حتى انطويت وقرأ الأعمش وعبد الله في نقل ابن عطية وأنزل ماضيا رباعيا مبنيا للمفعول وقرأ جناح بن حبيش والخفاف عن ابي عمرو ونزل ثلاثيا مخففا مبنيا للفاعل وقرأ أبو معاذ وخارجة عن أبي عمرو ونزل بضم النون وشد الزاي وكسرها ونصب الملائكة وخرجها ابن جني بعد أن نسبها إلى ابن كثير وأهل مكة على أن الأصل ننزل كما وجد في بعض المصاحف فحذفت النون التي هي فاء الفعل تخفيفا لالتقاء النونين وقرأ أبي ونزلت ماضيا مشددا مبنيا للمفعول بتاء التأنيث وقال صاحب اللوامح عن الخفاف عن أبي عمرو ونزل مخففا مبنيا للمفعول والملائكة بالرفع فان صحت القراءة فانه حذف منها المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه : والتقدير ونزل نزول الملائكة فحذف النزول ونقل اعرابه الى الملائكة بمعنى نزل نازل الملائكة لأن المصدر يكون بمعنى الاسم اه وقال الطيبي : قال ابن جني : نزل بالبناء للمفعول غير معروف لأن نزل لايتعدى إلى مفعول به ولا يقاس بجن حيث أنه مما لايتعدى إلى المفعول فلا يقال جنه الله تعالى بل أجنه الله تعالى وقد بني للمفعول لأن شاذ والقياس عليه مردود فاما أن يكون ذلك لغة نادرة وإما أن يكون من حذف المضاف أي نزل نزول الملائكة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قال العجاج :
حتى إذا اصطفوا له حذارا
فحذارا منصوب مصدرا لامفعولا به يريد اصطفوا له اصطفافا حذارا ونزل نزول الملائكة على حد قولك : هذا نزول منزول وصعود مصعود وضرب مضروب وقريب منه وقد قيل قول وقد خيف منه خوف فاعرف ذلك فانه أمثل ما يحتج به لهذه القراءة اه وهو أحسن من كلام صاحب اللوامح وعن أبي عمرو وأيضا أنه قرأ وتنزلت الملائكة فهذه مع قراءة الجمهور وما في بعض المصاحف عشرة قراءات وما كان منها بصيغة المضارع وجهه ظاهر وأما ما كان بصيغة الماضي فوجهه على ما قيل الاشارة إلى سرعة الفعل
الملك يومئذ الحق للرحمن أي السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنا بحيث لازوال له ثابت للرمن يوم إذ تشقق السماء وتنزل للملائكة فالملك مبتدأ و الحق صفته و للرحمن خبره و يومئذ ظرف لثبوت الخير للمبتدأ وفائدة التقييد أن ثبوت الملك له تعالى خاصة يومئذ وأما فيما عداه من أيام الدنيا فيكون لغيره عز و جل أيضا تصرف صوري في الجملة واختار هذا بعض المحققين ولعل أمر الفصل بين الصفة والموصوف بالظرف المذكور سهل وقيل : الملك مبتدأ ويومئذ متعلق به وهو بمعنى
الصفحة 10
220