كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

في الأصنام تهكما أو بناء على إعطائها الفهم والنطق أي كبكب فيها الاصنام والغاوون
49
- الذين عبدوها
والتعبير عنهم بهذا العنوان دون العابدون للتسجيل عليهم بوصف الغواية وفي تأخير ذكرهم عن ذكر آلهتهم رمز إلى أنهم يؤخرون في الكبكبة عنها ليشاهدوا سوء حالها فينقطع رجاؤهم قبل دخول الجحيم
وعن السدي أن ضمير كبكبوا مؤكدة لمشركي العرب والغاوون سائر المشركين وقيل : الضمير للمشركين مطلقا ويراد بهم التبعة والغاوون هم القادة المتبعون وقيل الضمير لمشركي الانس مطلقا و الغاوون الشياطين والكل كما ترى ويبعد الأخير قوله تعالى : وجنود ابليس فان الأظهر أن المراد منه الشياطين وإنه عطف على ما قبله والعطف يقتضي المغايرة بالذات في الأغلب ولا حاجة إلى تخريجه على الاقل وجعله من باب :
إلى الملك الندب وابن الهمام
وقيل : المراد بجنود ابليس متبعوه من عصاة الثقلين واختار بعض الأجلة الأول وادعى أنه الوجه لأن السياق والسباق في بيان سوء حال المشركين في الجحيم وقد قال ذلك إبراهيم عليه السلام لقومه المشركين فلا وجاهة لذكر حال قوم آخرين في هذا الحال بل لا وجود لهم في القصة وذكر الشياطين مع المشركين لكونهم المسولين لهم عبادة الاصنام ولايخفى أن للتعميم وجها أيضا من حيث أن فيه مزيد تهويل لذلك اليوم وقوله تعالى : أجمعون
59
- تأكيد للضمير وما عطف عليه
قوله سبحانه قالوا الخ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عما قبله كأنه لما قيل كبكب الآلهة والغاوون عبدتها والشياطين الداعون اليها قيل : فما وقع فقيل : قالوا أي العبدة الغاوون وهم أي الغاوون فيها يختصمون
69
- أي يخاصمون من معهم من الأصنام والشياطين والجملة في موضع الحال والمراد قالوا معترفين بخطئهم وانهماكهم في الضلالة متحسرين معيرين لأنفسهم والحال أنهم بصدد مخاصمة من معهم مخاطبين لآلهتهم حيث يجعلها الله تعالى أهلا للخطاب تالله إن كنا لفي ضلال مبين
79
- إن مخففة من المثقلة واسمها على ما قيل ضمير الشأن محذوف واللام فارقة بينها وبين النافية كما ذهب اليه البصريون أي إنه أي الشأن كنا في ضلال مبين وذهب الكوفيون إلى أن ان نافية واللام بمعنى إلا أي ما كنا إلا في ضلال واضح لاخفاء فيه ووصفهم له بالوضوح للمبالغة في اظهار ندمهم وتحسرهم وبيان خطئهم في رأيهم مع وضوح الحق كما ينبيء عنه تصديرهم بحرف التاء المشعرة بالتعجب على ما قيل
وقوله سبحانه إذنسويكم برب العالمين
89
- ظرف لكونهم في ضلال مبين وقيل : لمحذوف دل عليه الكلام أي ضللنا وقيل : للضلال المذكور وان كان فيه ضعف صناعي من حيث أن المصدر الموصوف لايعمل بعد الوصف ويهون أمر ذلك كون المعمول ظرفا وقيل : ظرف لمبين وجوز أن تكون إذ تعليلية كما قيل به في قوله تعالى ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية أي تالله لقد كنا في غاية الضلال الفاحش وقت تسويتنا إياكم أولأنا سويناكم أيها الأصنام في استحقاق العبادة برب العالمين الذي أنتم أدنى مخلوقاته وأذلهم وأعجزهم وما أضلنا الا المجرمون
99
- الظأهر بناء على ما تقدم من أن الاختصام مع الأصنام والشياطين أن يكون المراد بالمجرمين الشياطين ليكون ذلك من الاختصام معهم وإن لم يورد على وجه الخطاب كما ان ما تقدم من الاختصام مع الأصنام وكون

الصفحة 103