كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

الله تعالى قالوا ذلك في أواخر الأمر ومعنى قوله تعالى : قال رب ان قومي كذبون
711
- استمروا على تكذيبي وأصروا عليه بعد ما دعوتهم هذه الأزمنة المتطاولة ولم يزدهم دعائي إلا فرارا وهذا ليس باخبار بالاستمرار على التكذيب لعلمه عليه السلام أن عالم الغيب والشهادة أعلم ولكنه أراد اظهار ما يدعو عليهم لأجله وهو تكذيب الحق لاتخويفهم له واستخفافهم به في قولهم لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين تلطفا في فتح باب الاجابة وقيل : لدفع توهم الخلق فيه المتجاوز أو الحدة وقيل : إنه خبر لم يقصد منه الاعلام أصلا وإنما أورد لغرض التحزن والتفجع كما في قوله : قومي هم قتلوا أميم أخي فلئن رميت يصيبني سهمي ويبعد ذلك في الجملة تفريع الدعاء عليهم بقوله تعالى : فافتح بيني وبينهم فتحا على ذلك أي احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا من الفتاحة بمعنى الحكومة و فتحا مصدر وجوز أن يكون مفعولا به على أنه بمعنى مفتوحا هذه حكاية إجمالية لدعائه عليه السلام المفصل في سورة نوح ونجني ومن معي من المؤمنين
811
- أي من قصدهم أو شؤم أعمالهم وفيه إشعار بحلول العذاب بهم فأنجيناه ومن معه على حسب دعائه عليه السلام في الفلك المشحون
911
- أي المملوء بهم وبما يحتاجون اليه حالا كالطعام أو مالا كالحيوان
والفلك يستعمل واحد وجمعا وحيث أتى في اقرآن الكريم فاصلة استعمل مفردا أو غير فاصلة استعمل جمعا كما في البحر ثم أغرقنا بعد أي بعد إنجائهم و ثم للتفاوت الرتبي ولذا قال سبحانه بعد بعد الباقين
21
- أي من قومه
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين
121
- وإن ربك لهو العزيز الرحيم
221
- الكلام فيه نظير الكلام فيما تقدم وكذا الكلام في قوله تعالى كذبت عاد المرسلين
321
- بيد أن تأنيث الفعل هنا باعتبار أن المراد بعاد القبيلة وهو أسم أبيهم الأقصى وكثير ما يعبر عن القبيلة إذا كانت عظيمة بالأب وقد يعبر عنها ببني أو بآل مضافا اليه فيقال : بنو فلان أو ءال فلان وكذأ الكلام في قوله سبحانه : إد قال لهم أخوهم هود ألا تتقون
421
- اني لكم رسول أمين
521
- فاتقوا الله وأطيعون
621
- وما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين
721
- وحكاية الأمر بالتقوى والاطاعة ونفي سؤال الأجر في القصص الخمس وتصديرها بذلك للتنبيه على ان مبنى البعثة هو الدعاء الى معرفة الحق والطاعة فيما يقرب المدعو إلى الثواب ويبعده من العقاب وأن الأنبياء عليهم السلام مجتمعون على ذلك وإن اختلفوا في بعض فروع الشرائع المختلفة باختلاف الأزمنة والاعصار وأنهم عليهم السلام منرهون عن المطامع الدنيوية بالكلية
ولعله لم يسلك هدا المسلك في قصتي موسى وابراهيم عليهما السلام تفننا مع ذكر ما يشعر بذلك وقيل : ان ما ذكر ثمة أهم وكانت منازل عاد بين عمان وحضرموت وكانت أخصب البلاد وأعمرها فجعلها الله تعالى مفاوز ورمالا ويشير الى عمارتها قوله تعالى أتبنون بكل ريع أي طريق كما روي عن ابن عباس وقتادة
وأخرج ابن جرير وجماعة عن مجاهد أن الريع الفج بين الجبلين وعن أبي صخر أنه الجبل والمكان

الصفحة 109