كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

المالكية والحق خبره و للرحمن متعلق بالحق وتعقب بأنه لايظهر حينئذ نكتة ايراد المسند معرفا فان الظاهر عليه أن يقال : الملك يومئذ حق للرحمن وأجيب بأن في تعلقه بما ذكر تأكيدا لما يفيده تعريف الطرفين وقيل : هو متعلق بمحذوف على التبيين كما في سقيا لك والمبين من له الملك وقيل : متعلق بمحذوف وقع صفة للحق وهو كما ترى وقيل يومئذ هو الخبر والحقنعت للملك وللرحمن متعلق به وفيه الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر فلا تغفل
ومنعوا تعلق يومئذ فيما إذا لم يكن خبرا بالحق وعللوا ذلك بأنه مصدر والمصدر لاتتقدم عليه صلته ولو ظرفا وفيه بحث والجملة على أكثر الاحتمالات السابقة في عامل يوم استئناف مسوق لبيان أحوال ذلك اليوم وأهواله وايراده تعالى بعنوان الرحمانية للايذان بأن أتصافه عر وجل بغاية الرحمة لايهون الخطب على الكفرة المشار اليه بقوله تعالى وكان يوما على الكافرين عسيرا
62
- أي وكان ذلك اليوم مع كون الملك فيه لله تعالى المبالغ في الرحمة بعباده شديدا على الكافرين والمراد شدة ما فيه من الأهوال وفسر الراغب العسير بما لايتيسر فسه أمر والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله وفيها إشارة إلى مون ذلك اليوم يسيرا للمؤمنين وفي الحديث إنه يهون على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا
ويوم يعض الظألم على يديه قال الطبرسي : العامل في يوم اذكر محذوفا ويجوز أن يكون معطوفا على ما قبله والظأهر أن أل في الظالم للجنس فيعم كل ظالم وحكى ذلك أبو حيان عن مجاهد وأبي رجاء وذكر أن المراد بفلان فيما بعد الشيطان وقيل : لتعريف العهد والمراد بالظالم عقبة بن أبي معيط لعنه الله تعالى وبفلان أبي بن خلف فقد روي أنه كان عقبة بن أبي معيط لايقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا عليه أهل مكة كلهم وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه و سلم ويعجبه حديثه وغلب عليه الشقاء فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال : اطعم يا ابن أخي فقال صلى الله عليه و سلم : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول فشهد بذلك وطعم عليه الصلاة و السلام من طعامه فبلغ ذلك أبي بن خلف فأتاه فقال : أصبوت يا عقبة وكان خليله فقال : والله ما صبوت ولكن دخل على رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم فشهدت له فطعم فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتفعل كذا وذكر فعلا لايليق إلا بوجه القائل اللعين ففعل عقبة فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا ألقاك خارجا عن مكة إلا علوت رأسك بالسيف وفي رواية إن وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه : أخرج معنا قال : قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل أحمر لايدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه فخرج معهم فلما هزم الله تعالى المشركين رحل به جمله في جدد من الأرض فأخذ أسيرا في سبعين من قريش وقدم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر عليا كرم الله تعالى وجهه

الصفحة 11