كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

الدنيا والكبر على قلوبهم حتى أخرجهم ذلك عن حد العبودية فاتقوا الله واتركوا هذه الأفعال وأطيعون
131
- فيما أدعوكم اليه فانه أنفع لكم وأتقوا الذي أمدكم بما تعملون
231
- أي بالذي تعرفونه من النعم فما موصولة والعائد محذوف والعلم بمعنى المعرفة وقوله تعالى أمدكم بأنعام وبنين
331
- منزل منزلة بدل البعض كما ذ : ره غير واحد من أهل المعاني ووجهه عندهم أن المراد التنبيه على نعم الله تعالى والمقام بمقتضى اعتناء بشأنه لكونه مطلوبا في نفسه أو ذريعة إلى غيره من الشكر بالتقوى وقوله سبحانه أمدكم بانعام الخ أو في بتأدية ذلك المراد لدلالته على النعم بالتفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين فوازنه وزان وجهه في أعجبني زيد وجهه لدخول الثاني في الأول لأن ما تعلمون يشمل الانعام وما بعدها من المعطوفات ولا يخفى ما في التفصيل بعد الاجمال من المبالغة وفي البحر أن قوله تعالى بانعام على مذهب بعض النحويين بدل من قوله سبحانه بما تعلمون وأعيد العامل كقوله تعالى اتبعوا المرسلين اتبعوا من لايسألكم أجرا والاكثرون لايجعلون مثل هذا ابدالا وإنما هو عندهم من تكرار الجمل وإن كان المعنى واحد ويسمى التتبيع وإنما يجوز أن يعاد العامل عندهم إذا كان حرف جر دون ما يتعلق به نحو مررت بزيد بأخيك انتهى
ونقل نحوه عن السفاقسي وقال أبو حيان : الجملة مفسرة لما قبلها ولا موضع لها وبدأ بذكر الانعام لأنها تحصل بها للرياسة والقوة على العدو والغنى الذي لاتكمل اللذة بالبنينوغيرهم في الأغلب إلا به وهي أحب الاموال إلى العرب ثم البنين لأنهم معينوهم على الحفظ والقيام عليها ومن ذلك يعلم وجه قرنها ووجه قرن الجنات والعيون في قوله تعالى : وجنات وعيون
431
- ظاهر وكذا وجه قرنها مع الأنعام وقوله سبحانه إني أخاف عليكم الخ في موضع التعليل أي إني أخاف عليكم إن لم تتقوا وتقدموا بشكر هذ النعم : عذاب يوم عظيم
531
- في الدنيا والآخرة فان كفران النعمة مستببع للعذاب كما أن شكرها مستلزم لزيادتها قال تعالى : لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وعلل بما ذكر دون استلزام التقوى للزيادة لأن زوال النعمة يحزن فوق ما تسر زيادتها ودرء المضار مقدم على جلب المنافع : قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين
631
- فانا لانرعوي عما نحن عليه قالوا ذلك على سبيل الاستخفاف وعدم المبالاة بما خوفهم به عليه السلام وعدولوا عن أم لم تعظ الذي يقتضيه الظاهر للمبالغة في بيان قلة اعتدادهم بوعظه عليه السلام لما في كلامهم على ما في النظم الجليل من استواء وعظه والعدم الصرف البليغ وهو عدم كونه من عداد الواعظين وجنسهم وقيل : في وجه المبالغة افادة كان الاستمرار و الواعظين الكمال باعتبارهما بقرينة المقام بعد النفي أي سواء علينا أوعظت أم استمر انتفاء كونك من زمرة من يعظ انتفاء كاملا بحيث لايرجى منه نقيضه وقال في البحر إن المقابلة بما ذكر لأجل الفاصلة كما في قوله تعالى سواء عليكم أدعوتموهم أم انتم صامتون وكثير ما يحسن مع الفواصل ما لا يحسن دونه وليس بشيء كما لايخفى وروي عن أبي عمرو والكسائي ادغام الظأء في التاء في وعظت وبالادغام قرأ ابن محيصن والاعمش إلا أن الاعمش زاد ضمير المفعول فقرأ أوعظتنا وينبغي أن يكون اخفاء لأن الظاء مجهورة مطبقة والتاء مهموسة منفتحة فالظاء أقوى منها والادغام إنما يحسن في المتماثلين أو في المتقاربين إذا كان الأول أنقص من الثاني

الصفحة 111