كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

إنكارإنكار وتوبيخ والاتيان كناية عن الوطء و الذكران جمع ذكر مقابل الانثى والظاهر أن من العالمين متصل به أي أتأتون الذكران من اولاد بني آدم على فرط كثرتهم وتفاوت أجناسهم وغلبة اناثهم على ذكرانهم كأن الاناث قد اعوزتكم فالمراد بالعالمين الناس لأن المأتي الذكور منهم خاصة والقرينة ايقاع الفعل والجمع بالواو والنون من غير نظر الى تغليب وأما خروج الملك والجن فمن الضرورة العقلية ويجوز أن يكون متصلا بتأتون أي أتأتون من بين عداكم من العالمين الذكران لايشارككم فيه غيركم فالمراد بالعالمين كل من يتأتى منه الاتيان والعالم على هذا ما يعلم به الخالق سبحانه والجمع للتغليب وخروج غيره لما مر ولايضر كون الحمار والخنزير يأتيان الذكور في أمر الاختصاص للندرة أو لاسقاطهما عن حيز الاعتبار وجوز أن يراد بالعالمين على الوجه الثاني الناس أيضا وإذا قيل بشمولهم لمن تقدم من العالمين تفيد الآية أنهم أول من سن هذ السنة السئة كما يفصح عنه قوله تعالى : ماسبقكم بها أحد من العالمين
وتذرون ما خلق لكم ربكم لأجل استمتاعكم وكلمة من في قوله تعالى من أزواجكم للبيان إن أريد بما جنس الاناث ولعل في الكلام حينئذ مضافين محذوفين أي وتذرون اتيان فروج ما خلق لكم أو للتبعيض إن أريد بما العضو المباح من الأزواج ويؤيد قراءة ابن مسعود ماأصلح لكم ربكم من أزواجكم وحينئذ يكفى بتقدير مضاف واحد أي وتذرون اتيان ما خلق ويكون في الكلام على ما قيل تعريض بأنهم كأنوا يأتون نساءهم أيضا في محاشهن ولم يصرح بانكاره كما صرح بانكار اتيان الذكران لأنه دونه في الاثم
وهو على المشهور عند أهل السنة حرام بل كبيرة وقيل : هو مباح وقد تقدم الكلام في ذلك مبسوطا عند الكلام في قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقيل : ليس في الكلام مضاف محذوف أصلا والمراد ذمهم بترك ما خلق لهم وعدم الالتفات اليه بوجه من الوجوه فضلا عن الاتيان وأنت تعلم أن المعنى ظاهر على التقدير وقوله تعالى : بل أنتم قوم عادون
661
- اضراب انتقالي والعادي المتعدي في ظلمه المتجاوز فيه الحد ومتعلقة مقدر وهو اما عام أو خاص أي بل أنتم قوم متعدون متجاوزون الحد في جميع المعاصي وهذا من جملتها أو متجاوزون عن حد الشهوة حيث زدتم على سائر الناس بل أكثر الحيوانات
وقيل : متجاوزون الحد في الظلم حيث ظلمتم باتيان مالم يخلق للاتيان وترك اتيان ما خلق له وفي البحر أن

الصفحة 115