كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

وفي رواية ثابت بن أبي ألافلح بأن يضرب عنقه فقال أتقتلني من بين هؤلاء قال : نعم قال : بم قال : بكفرك وفجورك وعوك على الله تعالى ورسوله عليه الصلاة و السلام وفي رواية أنه صلى الله عليه و سلم صرح له بما فعل معه ثم ضرب عنقه وأما أبي بن خلف فمع فعله ذلك قال : والله لاقتلن محمدا صلى الله عليه و سلم فبلغ ذلك رسول الله عليه الصلاة و السلام فقال : بل أقتله إنشاء الله تعالى فأفزعه ذلك وقال لمن أخبره : أنشدك بالله تعالى أسمعته يقول ذلك قال نعم فوقعت في نفسه لما علموا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما قال قولا إلا كان حقا فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي عليه الصلاة و السلام ليحمل عليه فيحول رجل من المسلمين بين النبي عليه الصلاة و السلام وبينه فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه : خلوا عنه فاخذ الحربة فرماه بها فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه فخر يخور كما يخور الثور فأتى أصحابه حتى أحتملوه وهو يخور فقالوا : ماهذا فوالله ما بك الا خدش فقال : والله لو لم يصيبني الا بريقه لقتلني أليس قد قال أنا أقتله والله لو أن الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم فما لبث الا يوما أو نحو ذلك حتى ذهب إلى النار فأنزل الله تعالى هذه الآية وروي هذا القول عن ابن عباس وجماعة وفي رواية اخرى عن ابن عباس أن الظالم أبي بن خلف وفلان عقبة وعض اليدين إما على ظاهره وروي ذلك عن الضحاك وجماعة قالوا : يأكل يديه إلى المرفق ثم تنبت ولا يزال كذلك كلما أكلها نبتت وإا كناية عن فرط الحسرة والندامة وكذا عض الأنامل والسقوط في اليد وحرق الاسنان والادم ونحوها لأنها لازمة لذلك في العادة والعرف وفي المثل يأكل يديه ندما ويسيل دمعه دما وقال الشاعر : أبي الضيم والنعمان يحرق نابه عليه فافضى والسيوف معاقله والفعل عض على وزن فعل مكسور العين وحكى الكسائي عضضت بفتح العين
يقول ياليتني أتخذت مع الرسول سبيلا
72
- الجملة مع موضع الحال من الظالم أو جملة مستأنفة أو مبينة لما قبلها و ياليتني الخ مقول القول ويا أما لمجرد التنبيه من غير قصد إلى تعيين المنبه أو المنادى محذوف يا قومي ليتني وأل في الرسول اما للجنس فيعم كل رسول واما للعهد فالمراد به رسول هذه الأمة محمد صلى الله عليه و سلم والأول إذا كانت أل في الظالم للجنس والثاني إذا كانت للعهد وتنكير سبيلا اما للشيوع أو للوحدة وعدم تعريفه لادعاء تعينه أي ياليتني اتخذت طريقا إلى النجاة أي طريق كان او طريقا واحدا وهو طريق الحق ولم تتشعب بي طرق الضلالة
ياويلتي بقلب ياء المتكلم ألفا كما في صحارى وقرأ الحسن وابن قطيب يا ويلتي بكسر التاء والياء على الاصل وقرأت فرقة بالامالة قال أبو علي : وترك الامالة أحسن لان الأصل في هذه اللفظة الياء فابدلت الكسرة فتحة والياء الفا فرارا من الياء فمن أمال رجع إلى الذي عنه فرأولا وأياما كان فالمعنى ياهلكتي تعالى واحضري فهذا اوانك ياليتني لم أتخذ فلانا خليلا
82
- أراد بفلان الشيطان أو من أضله في الدنيا كائنا من كان أو أبيا ان كان الظالم عقبة أو عقبة إن كان الظالم أبيا وهو كناية عن علم مذكر وفلانة عن علم مؤنث واشترط ابن الحاجب في فلان أن يكون محكيا بالقول كما هنا ورده في شرح التسهيل بانه سمع خلافه كثيرا كقوله : وإذا فلان مات عن أكرومة دفعوا معاوز فقره بفلان وتقدير القول فيه غير ظاهر والفلان والفلانة كناية عن غير العاقل من الحيوانات كما قال الراغب وفل

الصفحة 12