كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

فسينرله عليكم حسبما تستوجبون في وقته المقدر له لامحالة فكذبوه فاستمروا على تكذيبه وكذبوه تكذيبا بعد تكذيب فأخذهم عذاب يوم الظلة وذلك على ما أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس أن الله تعالى بعث عليهم حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم فخرجوا منها هرابا إلى البرية فبعث الله تعالى عليهم سحابة فاظلهم من الشمس وهي الظلة فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحتها أسقطها الله عز و جل عليهم نارا فأكلتهم جميعا وجاء في كثير من الروايات أن الله عز و جل سلط عليهم الحر سبعة أيام ولياليهن ثم كان ما كان من الخروج إلى البرية وما بعده وكان ذلك على نحو ما اقترحوه لاسيما على القول بأنهم عنوا بالسماء السحاب وفي اضافة العذاب إلى يوم الظلة دون نفسها إيذأن بأن لهم عذابا آخر غير عذاب الظلة وفي ترك بيانه تعظيم لأمره
وقد أخرج ابن جرير واحاكم وأبن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : من حدثك من العلماء ما عذاب يوم الظلة فكذبه وكأنه أراد بذلك مجموع عذاب الظلة الذي ذكر في الخبر السابق والعذاب الآخر الذي آذنت به الاضافة إلى اليوم إنه كان عذاب يوم عظيم
981
- أي في الشدة والهول وفظاعة ما وقع فيه من الطامة والداهية التامة
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين
91
- وإن ربك لهو العزيز الرحيم
191
- هذا آخر القصص السبع التي سيقت لما علمته سابقا ولعل الاقتصار على هذا العدد على ما قيل لأنه عدد تام وأنا أفوض العلم بسر ذلك وكذا العلم بسر ترتيب القصص على هذا الوجه لحضرة علام الغيوب جل شأنه وقوله سبحانه وإنه لتنزيل رب العالمين
291
- الخ عود لما في مطلع السورة الكريمة من التنويه بشأن القرآن العظيم ورد مال قال المشركون فيه فالضمير راجع الى القرآن وقيل : هو تقرير لحقية تلك القصص وتنبيه على اعجاز القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه و سلم فان الأخبار عنها ممن لم يتعلمها لايكون إلا وحيا من الله عز و جل فالضمير لما ذكر من الآيات الكريمة الناطقة بتلك القصص المحكية وجوز أن يكون للقرآن الذي هي من جملته والاخبار عن ذلك بتنزيل للمبالغة والمراد انه لمنزل من الله تعالى ووصفه سبحانه بربوبية العالمين للايذان بأن تنزيله من احكام تربيته عز و جل ورأفته بالكل نزل به أي أنزله على أن الباء للتعدية
وقال أبو حيان وابن عطية : هي للمصاحبة والجار والمجرور في موضع الحال كما في قوله تعالى وقد دخلوا بالكفر أي نزل مصاحبا له الروح الأمين
391
- يعني جبريل عليه السلام وعبر عنه بالروح لأنه يحيي به الخلق في باب الدين أو لأنه روح كله لا كالناس في ابدانهم روح ووصف عليه السلام بالأمين لأنه أمين وحيه تعالى وموصله إلى ما شاء من عباده جل شأنه من غير تغيير وتحريف أصلا وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر وابن عامر نزل به الروح الأمين بتشديد الزاي ونصب الروح والأمين أي جعل الله تعالى الروح الامين نازلا به على قلبك 9 متعلق بنزل لا بالأمين والمراد بالقلب إما الروح وهو أحد إطلاقاته كما قال الراغب وكون الانزال عليه على ما قال غير واحد لأنه المدرك والمكلف دون

الصفحة 120